الخميس 18 / رمضان / 1445 - 28 / مارس 2024
16 – العقل والنقل ومنهاج السنة. (القواعد 210-217)
تاريخ النشر: ١٤ / صفر / ١٤٣٣
التحميل: 4371
مرات الإستماع: 2922

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعدُ:

"الطريقة الشرعية تتضمن الخبر بالحق، والتعريف بالطريق الموصلة إليه النافعة للخلق، وأما الكلام على كل ما يخطر ببال كل أحد من الشبهات السوفسطائية، فهذا لا يمكن أن يبينه خطاب على وجه التفصيل، والعلوم الفطرية الضرورية حاصلة مع صحة الفطرة وسلامتها، وقد يعرض للفطرة ما يفسدها ويمرضها، فُيرى الحق باطلاً كما في البدن، والقرآن فيه شفاء لما في الصدور من الأمراض، والنبي ﷺ علم أن وسواس التسلسل في الفاعل يقع في النفوس، وأنه معلوم الفساد بالضرورة، فأمر عند وروده بالاستعاذة بالله منه، والانتهاء عنه، كما في حديث أبي هريرة المعروف: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله[1] فمن وجد شيئًا من ذلك فليقل آمنت بالله، وليستعذ بالله، ولينته[2].

وهذا مجامع البراهين التي يرجع إليها غاية النظّار، فأمر بالاستعاذة، وأمر بالانتهاء، ثم أرشده إلى الإيمان الذي فيه حفظ الأصل الديني، ودفع المعارض، فعالجه بالانتهاء الذي فيه دفع التسلسل في الفاعل، وبالاستعاذة التي فيها اللجوء إلى الله بدفع الشيطان الموسوس بهذه الوساوس الباطلة، ثم ليقل: آمنت بالله، وهذا من باب دفع الضد بالضد النافع، فإن قوله: آمنت بالله يدفع عن قلبه الوسواس الفاسد".

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا الكلام الذي سمعتم ذكره الشيخ تقي الدين -رحمهُ الله- في معرض بيان أن الذين بنوا أمرهم من المتكلمين، ومن شاكلهم على مقدمات: إما ضرورية وإما نظرية، إما قطعيه وإما ظنية، أنهم بنوها على أمور تقبل التغير والاستحالة، وأما ما جاء به الرسول ﷺ فهو حق لا يقبل النقيض، فالرسول ﷺ يخبر بالحق، ويقيم عليه الأدلة العقلية البرهانية الموصلة إلى معرفته، كالأقيسة العقلية وهي الأمثال المضروبة، فهذه الطريقة هي الشرعية، بمعنى: أن دلائل المتكلمين في كثير من الأحيان فيما يذكرونه من مقدمات، وغير المتكلمين من الطوائف المنحرفة يبنون ذلك على أمور ظنية، أو قد تكون من القضايا البديهية، التي لا تحتاج إلى تقرير، فيتعبون أنفسهم في تقريرها، وإثباتها، أو يبنون ذلك، يعني: في الاستدلال على أمور متغيرة، فقد يكون هذا يصلح للطائفة الفلانية، وهذا يصلح للطائفة الفلانية، وهذا يصلح في الوقت الفلاني، وهذا يصلح في وقت آخر، وما إلى ذلك، فهذه أمور مغايرة لما هي عليه طريقة الاستدلال الشرعية، فهنا يقول: الطريقة الشرعية تتضمن الخبر بالحق، والتعريف بالطرق الموصلة إليه النافعة للخلق، أما الكلام على كل ما يخطر ببال كل أحد من الشبهات السفسطائية، فهذا لا يمكن أن يبينه خطاب على وجه التفصيل، يعني: هؤلاء من المتكلمين يحاولون أن يذكروا طرائق في الاستدلال في زعمهم أنها تجيب على الشبهات والأباطيل المتنوعة.

شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- يقول: مثل هذه الأمور التي تخطر على بال الناس، هذا مثل ما لا ينقض الوضوء، فما لا ينقض الوضوء، تقول: شرب الماء لا ينقض الوضوء، وشرب العصير لا ينقض الوضوء، وشرب الشاي لا ينقض الوضوء، وشرب كذا لا ينقض الوضوء، وأكل التفاح لا ينقض الوضوء، وأكل الثريد لا ينقض الوضوء، وأكل، وتبدأ إلى ما لا حد له، واضح؟

لكنك تستطيع أن تقول: الذي ينقض الوضوء هو كذا، وكذا، وكذا، وما عداه فيعلم أنهُ غير ناقض، فهكذا ما يخطر على بال كل أحد من الأباطيل، لا يطلب من الشارع أن يبين ذلك جميعًا، ولكنهُ يبين الحق بأدلته، والطرق الموصلة إليه، وما عدا ذلك فهو باطل، واضح؟

فهو يرد على هؤلاء المتكلمين، ويقول: والعلوم الفطرية، الضرورية حاصلة مع صحة الفطرة، وسلامتها، وقد يعرض للفطرة ما يفسدها ويمرضها، فترى الحق باطلاً كما في البدن، يعني: إذا تغير مزاجه، وعافيته فإنه قد يجد طعم العسل مرًا.

فهكذا أيضًا البصيرة والفطرة إذا تكدرت وتدنست فإنها قد لا ترى الحق، ولا تبصره، بل ينقلب ذلك بالنسبة إليها؛ فيصير باطلاً.

يقول: والقرآن فيه شفاء لما في الصدور من الأمراض، والنبي ﷺ علم أن وسواس التسلسل في الفاعل يقع في النفوس، وأنهُ معلوم الفساد بالضرورة، تسلسل في الفاعلين قلنا: إن هذا ممتنع بالإجماع، وهذا الذي ورد فيه الحديث، من خلق كذا من خلق كذا، هذا تسلسل في الفاعلين، إذا كان الله خلق الناس فمن الذي إلى آخر ما يلقيه الشيطان.

والرازي يقول: إن النبي ﷺ أرشد إلى الاستعاذة، يقول: وهذا؛ لأن الشيطان هو الذي يلقي هذه الوساوس، وهو مادتها؛ فأرشد إلى الاستعاذة منه[3]، ولكنه في مضامين كلامه، أعني: الرازي يذكر: أن طريقة المتكلمين أعلى من ذلك، وما عرف حقيقة ما جاء عن النبي ﷺ فشيخ الإسلام يرد عليه، يقول: بأن النبي ﷺ أمر بالانتهاء؛ لقطع هذه المادة، وأمر بالاستعاذة؛ لدحر عدوه الذي يذكيها، ثم أمره بأمر أيضًا إيجابي، وهو أن يقول: آمنت بالله، فيقابل ذلك بالضد، فيقول: ليس كما تفهم، يعني: الرازي أن النبي ﷺ أمر بالاستعاذة فقط، فكلام الرازي فيه تهوين من الطريقة النبوية، وما عرف حقيقتها، إذ هي متضمنة لهذه الأمور جميعًا، فشيخ الإسلام يقول: هذا مجامع البراهين التي يرجع إليها غاية النظار، فأمر بالاستعاذة، وأمر بالانتهاء، ثم أرشده إلى الإيمان الذي فيه حفظ الأصل الديني، ودفع المعارض.

وذكر شيخ الإسلام -رحمهُ الله- كلامًا نفيسًا في هذا الموضوع من صفحة 306 إلى 318 من المجلد الثالث في الكلام على الطريقة النبوية، وطريقة المتكلمين، وما ذكره شيخ الإسلام بعد هذا هو تابع له.

"ومما ينبغي أن يُعلم أن كثيرًا من العلوم تكون ضرورية فطرية، فإذا طلب المستدل أن يستدل عليها؛ خفيت، ووقع فيها الشك، إما لما في ذلك من تطويل المقدمات، وأما لما في ذلك من خفائها، وإما لما في ذلك من كلا الأمرين، والمستدل قد يعجز عن نظم دليل على ذلك، إما لعجزه عن تصوره، وإما لعجزه عن التعبير عنه، وإما لعجزه عن دفع الشبهات المعارضة، إما في المستدل، وإما في السامع".

هذا الكلام بأن الأمور الضرورية قد تخفى حال التنقير، وشق الشعرة والشعيرة كما يقولون، فطريقة المتكلمين مبنية على هذا التنقير المذموم، ومن ثم فإن الأمور الواضحات تتحول إلى أمور في غاية الغموض والصعوبة، ولذلك تجد هذا في العلوم التي دخلها المنطق، وبعض طرائق وأساليب أهل الكلام، مثل علم النحو، حتى قال عنهُ بعض أهل العلم: بأنه بيت من خشب، بابه من حديد، فصار ذلك في غاية الصعوبة بالنسبة لكثير من الدارسين، والكلام الذي تجدونه فيه من الكلام عن المسند، والمسند إليه، يعني: المبتدأ، والخبر، وما أشبه ذلك من العبارات هي من كلام أهل المنطق، فصار صعبًا بهذا الاعتبار، وتجد ذلك أيضًا في العلوم البلاغية، وتجده أيضًا في أصول الفقه، وهو كثير جدًا في هذا الباب، فصار علم أصول الفقه من علوم الصعبة بالنسبة لكثير من طلاب العلم، والسبب أنهُ دخلهُ هذا، لكن لو قرأت في رسالة الشافعي مثلاً؛ لم تجد هذه الصعوبة، ومن ثم فإن أصول الفقه يحتاج إلى أن يجرد من مثل هذه الأساليب والعبارات، كما يحتاج إلى تجريد أيضًا من القضايا التي لا ينبني عليها عمل،كما يحتاج إلى تجريد أيضًا من القضايا التي لا تدخل في أصول الفقه أصلاً، فكل هذا ليس منهُ.

فهنا هذه الصعوبة في الأمور المدركة المعلومة سواء كان ذلك في باب التصورات، الذي هو التعاريف، أو في باب التصديقات، يعني: الأحكام، وهذه أيضًا من عبارات المتكلمين، لكن هكذا يقسمون؛ ولذلك تجد في الموافقات للشاطبي يذكر الأمثلة على هذا من باب التصورات، باب التصورات، التعريفات، يقول: يأتون للأشياء الواضحة يعرفون القمر، ما هو القمر؟ القمر في أحد يخفى عليه القمر؟ لا يخفى على أحد، لكن لما يعرفونه يعرفونه بشيء يجعلهُ غامضًا، فيقولون: هو جِرم صقيل، الجرم الصقيل المحوي في الجرم الحاوي، تصور لو جاك واحد، وقال: ما هو ما هو الجرم الصقيل المحوي في الجرم الحاوي، يذهب لربما الذهن إلى كل شيء، إلا القمر، فمثل هذا يزيده صعوبة، لما يعرفون الهواء، لما تسمع تعريفاتهم للهواء لا يزيده إلا غموضًا، لما يعرفون الماء لا يزيدونه إلا غموضًا.

فشيخ الإسلام ابن تيمية، وكذلك الشاطبي يوجد تشابه كبير بين شيخ الإسلام والشاطبي، مع أن هذا في الشام، وهذا في بلاد الأندلس، وما حصل بينهم لقاء، فمثل هذه الأمور البديهية حال التنقير تتحول إلى أشياء صعبة، ومعقدة.

وهكذا في باب التصديقات، يعني: في باب الأحكام، يعني: سواء كان ذلك في الأدلة والبراهين العقلية مثلاً فيما يركبونه في المقدمات، فتجد أشياء، يعني: حينما يقولون: مثلاً: في التعريف مثلاً، الإنسان، يقولون: يعرف بالجنس القريب والفصل، وبعضهم يقول: يعرف بالجنس القريب والخاصة، ما الجنس القريب والجنس البعيد والخاصة، يعني: يقصدون الجنس القريب مثل: حيوان، والجنس البعيد ما هو؟ طبعًا البعد نسبي، فعندنا موجود، عندنا فوقه معلوم؛ لأنه يشمل الموجود، والمعدوم، معلوم، ثم موجود، هذا جنس دونهُ، فهو نوع بالنسبة للذي قبله، ثم هذا الجنس البعيد أيضًا الذي هو الموجود يدخل تحتهُ أجناس، وهي أنواع بالنسبة إليه، إلى ما فوقها، فهذه الموجودات إما أن تكون إنسانًا أو حيوانًا أو نباتًا أو جمادًا.

ثم هذا الجنس الذي هو الإنسان مثلاً، هو نوع بالنسبة لما فوقه، وهو جنس بالنسبة لما تحته، فالإنسان جنس، يدخل تحتهُ الذكر والأنثى، والأفراد زيد وعمرو إلى آخره، ما هي الخاصة؟

عندهم خاصة، وعندهم عرض عام، وعندهم فصل إلى آخره، يقول: الناطقية تميزه عن غيره، هو حيوان؟ ما الذي يميزه عن غيره؟

يقولون: كونه ناطق، فيقولون: هذا حد مطابق للمحدود، لاحظوا هذا الكلام مظلم ومعقد وصعب، مع أنهُ ليس تحته كبير طائل، فيزيدون الأشياء بهذه الطريقة غموضًا، تقول: ما هو الإنسان؟ تقول: هذا الذي أمامك، على طريقة الشاطبي هذا الذي أمامك، ما يحتاج تأتي بالجنس القريب والخاصة أو الفصل أو العرض الخاص أو العرض العام، فكثير من هذه الأشياء في التعريفات، وفي أيضا التصديقات في الأدلة العقلية لا يزيده ذلك إلا غموضًا.

لو جئنا إلى كثير من القضايا التي يريدون تقريرها مثلاً أو الاستدلال عليها، وقد ذكرت هذا في عدد من المناسبات، فإن ذلك قد لا يزيدهُ إلا صعوبة، لكن طريقة القرآن يستدل بأن هذا الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم، انتهينا، الذي خلقهم أول مرة قادر على إعادتهم، بعيدًا عن تلك التكلفات، وطرق الاستدلال، إما في تقرير مقدمات بديهية، واضحة، وأما في تطويل الأدلة والمقدمات، وفي النهاية يريدون الوصول إلى أشياء يتفق الخلق ويجمعون على تقريرها، مثل: أثبات وجود الله فهذا غاية ما يثبتهُ كثير من هؤلاء النظار، ولو نظرت في كثير من أدلتهم التي يذكرون؛ تجد أنها في غاية الغموض والصعوبة، تحتاج إلى دراسة المنطق حتى تفهم، بينما طريقة القرآن طريقة فطرية، لا تخفى على أحد من السامعين.

ولهذا قال الله : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:17] وجرى المعهود في المخاطبات في القرآن على معهود الأميين في الخطاب، ما هي طريقة الأميين؟ فكل أمر خارج عنها فليس من طريقة القرآن.

يقول: بأن كثير من العلوم تكون ضرورية فطرية، فإذا طلب المستدل أن يستدل عليها؛ خفيت، ووقع فيها الشك، إما لما في ذلك من تطويل المقدمات، وإما لما في ذلك من خفائها، الآن لو جئنا في قضية فطرية معلومة، وهو مثلاً أن الإنسان له جسد وروح، هذه قضية بدهية، لما نأتي ونحاول نستدل على هذه القضية بطريقة المتكلمين، فإن ذلك قد يزيد القضية البديهية إلى شيء من الغموض، بل قد يفضي ذلك إلى نوع من السفسطة، يعني: قد يأتي من يتعلق ببعض ما يقال من أدلتهم، ثم يغالط في هذه الحقيقة الواضحة، التي لا يحتاج الناس إلى الاستدلال عليها، وهذا تجدهُ أيضًا في تفسير كلام الله وكلام رسوله ﷺ.

لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ يسمعها الإنسان ويفهمها مباشرة، لكن حينما نأتي، ونشق الشعرة والشعيرة نقول: الكاف للتشبيه، ومثل للتشبيه، فنفى المثل عن المثل، وهل ينفى المثل عن المثل؟ وهل لله مثل حتى ينفى عنهُ المثل؟ وهل نفي المثل عن المثل يعتبر مدحًا؟ ثم يبدأ الإنسان، ويضع يده على فمه، ويقول: ما المخرج من هذا؟ بينما كانت قبل ذلك لا تشكل عليه، هي قضية واضحة لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ واضح؟

لكن لما ترى التطويل في الكلام عليها بشق الشعرة والشعيرة؛ يبقى الذي يقرأ أحيانا يستشكل هذا الموضع، ولربما لا يخرج بشيء، يعني: يتحير، لا يخرج بشيء يترجح عنده، وقبل ذلك لم يكن من هذا شيء، ولا يقف عندها، وهكذا.

"وكلما كانت حاجة الناس إلى معرفة الشيء، وذكره أشد وأكثر؛ كانت معرفتهم به وذكرهم له أعظم وأكثر، وكانت طرق معرفته أظهر وأكثر، وكانت الأسماء المعرفة له أكثر، وكانت على معانيه أدل، ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات؛ كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه، وله سبحانه في كل لغة أسماء، وله في اللغة العربية أسماء كثيرة، والصواب الذي عليه جمهور العلماء أنها لا تنحصر في تسعة وتسعين كما في أحاديث أخر".

هذا أيضًا مضى الإشارة إليه في الدرس الماضي، وأن الأشياء التي تكثر حاجة الناس أليها تكون معرفتهم بها أكثر، ومن ثم عنايتهم أعظم، فالأسماء التي تطلق عليها أكثر، وإن كان ذلك لا يدل على الشرف بالضرورة، كما زعم بعضهم أن كثرة أسماء الشيء تدل على شرفه، ليس بالضرورة، فالكلب كما في القصة المعروفة التي تذكر عن أبي العلاء المعري، كان أعمى البصر والبصيرة فكان يمشي في المسجد، فعثر برجل رجل نائم، فسقط عليه، فقال النائم: من هذا الكلب؟ فقال المعري: الكلب الذي لا يعرف للكلب سبعين اسمًا، فالكلب ليس بشريف، فجاء السيوطي، وألف رسالة في هذا خاصة، وذكر للكلب أكثر من سبعين اسمًا ليخرج من العهدة، وسماها التبري من معرة المعري[4] ثم نظم هذه الأسماء أيضًا بأبيات، فليس بالضرورة يدل على الشرف، لكن الأشياء التي تدعو الحاجة إليها، كما قال شيخ الإسلام، فكلامه أدق من كلام غيره، التي تدعو إليها الحاجة كثيرًا، لها أسماء كثيرة التي يلابسونها كثيرًا، فلذلك تجد أسماء السيف كثيرة، أسماء الكلب كثيرة، أسماء الحية كثيرة، والأشياء الشريفة مثل أسماء الله أسماء النبي ﷺ فهذه كلها من تسمية الله -تبارك وتعالى- أعني: أسماء الله لا يسميه الناس بها، لكن معرفتهم بها، ومعرفتهم بربهم -تبارك وتعالى- تكون أكثر؛ لأن حاجتهم إليه أعظم، وهكذا.

فيقول: مثل هذه الأمور الفطرية هي أمور مدركة، لا تحتاج إلى كثير استدلال وإثبات وتقرير وتطويل في المقدمات والأدلة والبراهين التي يشتغل بها المتكلمون، يعني: أن المتكلمين يشعرون بشيء من الاعتزاز والفخر أنهم يثبتون أدلة على وجود الله كثيرة ومتنوعة كما يفعل الرازي وغيره.

وقد ذكر شيخ الإسلام طرائق هؤلاء في أثبات وجود الله ثم بين أن مثل هذه الطرائق أنها لا تدعو الضرورة إليها، بل ولا الحاجة إليها؛ لأن مثل هذا الأمر فطري، لا يحتاج إلى مثل هذا التنويع في الاستدلال؛ لأنهُ مركوز في الفطر.

يقول: والصواب الذي عليه جمهور العلماء: أنها لا تنحصر في تسعة وتسعين اسمًا كما في أحاديث أخر، كما في الحديث قوله ﷺ: أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو ذكرته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك[5].

فهناك أسماء لم يطلعنا الله عليها؛ ولهذا قال النبي ﷺ وهو أعرف الخالق بربه -تبارك وتعالى-: لا أحصي ثناء عليك[6] فشيخ الإسلام يقول: لو أحصى جميع الأسماء؛ لأحصى الثناء عليه، لكن معنى الحديث -كما سبق في مقدمات الأسماء الحسنى- إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة[7] يعني: من شأن هذه الأسماء لها مزية من بين سائر الأسماء، أن من أحصاها دخل الجنة، كأن يقول الإنسان مثلاً: لي ثلاثة من الولد لا يعدلهم أحد، أو لا يعدلهم شيء مثلاً، أو نحو ذلك، وهو يقصد: أن لهم هذه المزية؛ فلا يحتج عليه أحد أن له عشرة من الولد مثلاً، لكنه يتحدث عن ثلاثة، كأن يقول: لي ثلاثة من الخيول مثلاً، أو المراكب، أو من السيارات، أو نحو ذلك، لا يعدلها عندي ثمن، فيقول له قائل: لك من المراكب أكثر من هذا يقول: نعم، لكني قصدت هذه الثلاثة، لها هذه المزية، هذا هو المراد، فنصل الكلام ببعضه، فله هذه الأسماء تسعة وتسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة، وإلا فالوارد في الكتاب، والسنة أكثر من تسعة وتسعين أسمًا، وقد مضى الكلام على هذا في الأسماء الحسنى، على تفاوت في إحصاء أهل العلم لما ورد.

"إذا عرضنا على العقل الصريح ذاتا لا علم لها، ولا قدرة، ولا حياة، ولا تتكلم، ولا تسمع، ولا تبصر، أو لا تقبل الاتصاف بهذه الصفات، وذاتًا موصوفة بالحياة، والعلم، والقدرة، والكلام، والمشيئة كان صريح العقل قاضيًا بأن المتصفة بهذه الصفات التي هي صفات الكمال، بل القابلة للاتصاف بها أكمل من ذات لا تتصف بهذه، ولا تقبل الاتصاف بها".

هنا يرد على هؤلاء الذين يتحكمون، فينفون من أوصاف الله الكاملة بمحض عقولهم، ولربما عطلوه من أوصاف الكمال جميعًا، كما يفعل بعض طوائف الجهمية، وإذا طلب منهم أن يعرفوا المعبود -تبارك وتعالى- لم يعرفوه بشيء أجلى من العدم، فيقول مثلاً: لا يسمع، ولا يبصر، ولا فوق العالم، ولا داخله، ولا خارجة، ولا، ويذكرون هذه الأمور جميعًا، فينفون عنهُ النقيضين، فلو طلب منهم أن يتصفوا العدم؛ لما كان في طوقهم أبلغ من هذه الأوصاف التي قالوها في حق الله .

فهنا شيخ الإسلام يرد على هؤلاء، يقول: الآن إذا قدر بأن ذات من الذوات لا توصف لا بعلم، ولا قدره، ولا حياة، ولا تتكلم، ولا تسمع إلى آخره، ولا تقبل الاتصاف أصلاً، هذا الذي يسمونه العدم، والملكة، يعني: لا يوجد المحل القابل أصلاً.

يعني: مثل هذه السارية الآن هي غير قابلة للعلم، والملكة، يعني: القابلية، فتقابل العدم، والملكة هو من هذا القبيل، فيقول: هذه الذات التي لا توصف بشيء من هذه الصفات، وذات أخرى توصف بهذه الصفات الكاملة، يقول: فإن العقل يقتضي بأن المتصف بهذه الصفات التي هي صفات كمال، أو القابلة للاتصاف بها أكمل من ذات لا تتصف بهذه، ولا تقبل الاتصاف بها.

الإنسان حينما يخرج من بطن أمه، هو قابل للعلم، وقابل للأخلاق، والمعاني، والأوصاف المكتسبة، يمكن أن يتعلم الصنائع، والمهن، والكتابة، وما إلى ذلك، المحل قابل، واضح؟

والبهيمة حينما تلد بهيمة، هي ليست قابلة، لا الآن، ولا بعد ذلك، أليس كذلك؟ فالذي يقبل هذه الأوصاف قبل أن يتصف بها أكمل ممن لا يكون قابلاً لها، هذا في جنس الحيوان، فكيف بغيره من الجمادات، ولذلك لا يمكن أن يقارن الإنسان بالحجر، فالحجر غير قابل لهذه الأوصاف، فكيف إذا كان الإنسان محصلاً لأوصاف الكمال، متحققًا بها بالفعل، فإنهُ أكمل ممن لم يتصف بهذه الأوصاف.

فالله -تبارك وتعالى- ولهُ المثل الأعلى متصف بصفات الكمال، فهو بلا شك أكمل، وأفعل التفضيل ليس على بابه ممن لم يتصف بهذه الصفات، أو كان غير قابلٍ لها، هذا وجه في الرد على هؤلاء، ثم ذكر الوجه الثاني.

"ومعلوم بصريح العقل أن الخالق المبدع لجميع الذوات وكمالاتها أحق بكل كمال، وأحق بالكمال الذي باين به جميع الموجودات".

الآن هذا الوجه الثاني في الرد على هؤلاء، طبعًا ردوده عليهم كثيرة جدًا، لكن الشيخ نقل مثل هذه الجزئية، أن معطي الكمالات أحق بها، فالذي علّم الإنسان ما لم يكن يعلم هو أحق بوصف العلم، الذي يعطي الإنسان أوصافًا مثل الرحمة، والكرم، وما إلى ذلك من أوصاف الكمالات، كالسمع، والبصر، وما إلى ذلك، فهو أحق بهذه الأوصاف، فكيف يكون معطلاً من ذلك

"وهذا الطريق، ونحوه مما سلكه أهل الإثبات للصفات، فيقال: وإذا عرضنا على العقل الصريح ذاتًا لا فعل لها، ولا حركة، ولا تقدر أن تصعد، ولا تنزل، ولا تأتي، ولا تجيء، ولا تقرب، ولا تقبض، ولا تطوي، ولا تحدث شيئًا بفعل يقوم بها، وذاتًا تقدر على هذه الأفعال، وتحدث الأشياء بفعل لها، كانت هذه الذات أكمل، فإن تلك كالجمادات، أو كالحي الزمن المجدّع".

الزمن، يعني: الذي يكون فيه عاهة مستديمة، كالمشلول مثلاً، والمجدع: هو الذي قطعت منهُ أجزاء، وأبعاض، وأطراف، كاليدين، أو الأنف، أو الأذن، ونحو ذلك، يقال له: مجدع، مجدع الأطراف.

"فإن تلك كالجمادات، أو كالحي الزمِن المجدع، والحي أكمل من الجماد، والحي القادر على العمل أكمل من العاجز عنه، هذا آخر ما يسر الله نقله من كتاب العقل والنقل".

على كل حال شيخ الإسلام يذكر هذا الذي مضى في سياق الكلام على الأفعال الاختيارية، القائمة بذات الله -تبارك وتعالى- ويضعف أدلة النفاة الذين يقولون: نحن لا نثبت لهُ كلامًا، ولا نزولاً، ولا رحمة، وما إلى ذلك من أوصاف الكمال.

وكذلك ما احتج به الرازي والآمدي في ردهما على النفاة بحجة الكمال والنقصان، فبين شيخ الإسلام ابن تيمية ضعف هذه الطريق من وجوه، وهذا هو الوجه الرابع منها.

وحاصل ما سبق: أنهُ إذا قدر، وتجدون مثل هذا الكلام منقول في شرح الطحاوية، فإن ما في شرح الطحاوية لابن أبي العز هو في الواقع من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن كلام تلميذه ابن القيم، فإذا قدر أن ذاتًا تتصف بصفات الكمال، وأخرى ليست كذلك، فالمتصفة أكمل.

والأمر الثاني أن الذي أعطى الكمالات أحق بها، هذا حاصل هذا الكلام، هذا ما نقله من كتاب العقل، أو درء تعارض العقل والنقل، ولعلي أشرت في بعض المناسبات أنهُ ألف هذا الكتاب "درء التعارض" وعمره يقرب، أو قريب من الخمسين، يعني: ما هو كبير، يقرب من الخمسين، وهذا فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [الجمعة:4].

كنت أتأمل اليوم عبر العصور، بعد شيخ الإسلام من جاء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، ما رأيت أحدًا، ولا قريبًا منه، رجل أعطاه الله بين قوة الاحتجاج، والاستدلال بالأدلة النقلية، وقوة الاستحضار، وكذلك الحجج العقلية، وفهم كلام المخالفين، والقدرة البديعة في إبطاله، حتى إنهُ يقول: لا يأتون بدليل إلا قلبته عليهم، وجعلته حجة عليهم لا لهم، من يستطيع مثل هذا؟

وقلم سيال، يملأ الأوراق، ثم في الأخير يقول: هذا الذي اتسعت إليه أوراق السائل، ألف رسالة كاملة، فيقول هذا الذي اتسع إليه، اتسع له أوراق التي كانت مع السائل، ليت مع السائل أكثر من هذا.

فهذا فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [الجمعة:4] هذا فتح من الله ، والله يقول: يقيض لهذه الأمة في كل زمان من يجدد لها دينها على رأس كل مائة عام، ويوجد من يقوم بالحق ظاهرًا وباطنًا، ولا يزال يوجد في هذه الأمة طائفة على الحق ظاهرين منصورة، ويهيئ لهم من الأسباب في القوة المادية والمعنوية، والحجج الرسالية ما يصلح لكل زمان.

وهذا تأمله في أحوال العالم، سواء كان على نطاق مخصوص، أو على نطاق العام، إذا نظرت إلى قوى المشركين في يوم بدر، أنا أتأمل أحيانًا هذا، حينما يأتي كم عددهم؟ ألف، الآن لو وجد فرقة من عشرين شخص، معهم مدفعية، أو معهم أجهزة، حتى الأسلحة الخفيفة هذه، يبيدون خضراءهم، أليس كذلك؟

ولو جاءت طائرة واحدة؛ لجعلتهم في خبر كان، ولو وضع لهم واحد فقط حقلاً من الألغام؛ لتطايرت أشلائهم، وأشلاء الجمال التي معهم، والخيول، ولم يعثر لهم على أثر، أليس كذلك؟

لكن الله لاحظ القوة، وقل مثل ذلك في قوة فارس، والروم، وإن بلغوا في جيوشهم التي كانوا يحاربون بها المسلمين مئات الألوف، وفي هذا العصر تجد المدافعة بين الحق والباطل، فيهيئ الله في كل زمان في القوى المادية، وكذلك في باب البراهين والأدلة ما يناسب ذلك العصر.

هؤلاء من أهل الكلام، لم يكن لهم وجود في زمن أصحاب النبي ﷺ فما احتاج الصحابة للكلام في مثل هذه القضايا التي يتكلم عليها شيخ الإسلام ابن تيمية، ولما ابتلي الناس بهم في زمن شيخ الإسلام، وصارت هذه تمثل ظاهرة عامة، وظن الناس أن هذا هو الدين الذي جاء به الرسول ﷺ قيض الله لهم مثل شيخ الإسلام؛ لينقض باطلهم.

واليوم لما كانت حجج هؤلاء من المبطلين، من معتزلة العصر، من يسمون أنفسهم بأتباع المدرسة العقلية على اختلاف تشعباتها، هي حجج ضعيفة ومتهافتة، وما إلى ذلك؛ قيض الله لهم من يحسن أيضًا في هذا الباب، ويرد باطلهم، ويبين الحق بما تقوم به الحجة على الخلق، وهذا موجود.

لو جاء واحد، مثل: شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ودرس مذاهب هؤلاء في العصر الحديث، وما إلى ذلك؛ لما صاروا عنده إلا مثل الصيبان، الذين لا يفهمون حتى كلامه، الصبي أبو أربع سنوات، أبو خمس سنوات ما هو مجنون، عاقل، لكنك إذا أحضرته لخطبة الجمعة، وسمعها، يخرج، ثم تقول له: ماذا خطب؛ قال ما فهمت شيئًا، فمثل هؤلاء لن يفهموا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- وكنت أتأمل اليوم في بعض كلام شيخ الإسلام، ردوده على هذا الرافضي الذي هو ابن المطهر، فرأيت أن شيخ الإسلام فعلاً كان يلعب به في الرد، والعجيب أن ذاك الرجل لما جاءته طليعة الرد؛ قال: إنهُ لم يفهم كلامي حتى أرد عليه، يعني: ما ارتقى إلى فهم كلامه، وأنا كنت أقرأ، وأقول في نفسي، يعني: شيخ الإسلام يلعب بهذا الرافضي، يعني: يرد عليه من وجوه كثيرة جدًا، يدخله من هنا، ويخرجه من هنا، ثم يأتيه من، اقرؤوا كلامه؛ تجدون عجبًا.

ننتقل إلى الكتاب الأخر، وهو من أجل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- وهذا الكتاب هو كتاب "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية"، وقد جعله في نقض كلام الشيعة، والقدرية؛ لأن القدرية أيضًا يشتركون مع الشيعة؛ لأن الشيعة تطفلوا على عقائد المعتزلة، وتتلمذوا عليهم، فدرسوا المذاهب الكلامية هذه، وصارت بعد ذلك عقائد تقرر عندهم.

وعلى كل حال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- ألف هذا الكتاب في الرد على ابن المطهّر، وهذا الكتاب له عناوين أخرى مقاربه، وكان تأليفه في حدود سنة 710 من الهجرة، وغالبًا أن ذلك كان في مصر، حينما كان الشيخ في مصر، والكتاب الذي رد عليه اسمه: "منهاج الكرامة في إثبات الإمامة" لابن المطهر الحلِّي، الحلي هذا نسبة إلى بلدة في العراق، قريب من النجف، واسمها الحِلة، وهي موجودة إلى اليوم بهذا الاسم، على شط الفرات، ابن المطهر الحلي، وكان قد ألفه لملك يقال له: "خُدا بِنده" اعجمي، تولى الحكم هذا الملك في حدود سنة 703 للهجرة، وتشيع في حدود سنة 709 للهجرة، وابن المطهر صرح في مقدمة كتابه، وكتابه مطبوع في طهران، وفي غيرها، كتاب ابن المطر ما هو كبير، يعني في حدود هذا الكتاب تقريبًا، وألفه لهذا الملك في موضوع الإمامة.

وابن المطهر هذا وفاته كانت قريبة من وفاة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- متى توفي شيخ الإسلام؟ 728، وابن المطهر هذا توفي سنة 726، يعني: قبل وفاة شيخ الإسلام بعامين.

وذكروا في ترجمته أشياء، ترجم له بعض المنتسبين للسنة، وترجم له الرافضة أيضًا، ذكر بعضهم أنهُ ألف نحوا من تسعين مصنفًا، وبعض الذين يبالغون في مدحه، يقولون: إنهُ من الشيعة، يعني: في ترجمته يقولون: وجدوا له نحو خمسمائة مجلد بخطه، بخط يده، ولا شك أنه من كبار علماء الرافضة، وهذا الملك الذي ألفه له هو من أحفاد جنكيز خان، وهو أخ لغازان، وقد تولى الملك بعده، وذكروا في ترجمته، أو في سبب تشيعه، ذكروا سببين:

السبب الأول يرجع إلى قضية تتصل به، قضية شخصية، والقضية الأخرى أن ذلك حصل بسبب مناظرة جرت بين أحد العلماء المنسوبين للسنة، ورجل آخر رافضي، وأن هذا الذي ينتسب إلى السنة لم يكن له بصر في المناظرة؛ فظهرت حجة الرافضي أمام هذا الملك، وأن ذلك كان سببًا لتشيعه.

وبعضهم يقول: غير ذلك، يعني: في قضية شخصية بحتة، يعني: هذا الرجل له هوى في هذا الموضوع، في التشيع، ولا بأس أن أذكر لكم بعض ما قيل في ذلك.

يقول: بأن السلطان غضب يومًا من امرأته، فطلقها ثلاثا، ثم ندم، وجمع العلماء، فقالوا له لا بد من المحلل، تتزوج آخر، ثم إذا طلقها؛ تزوجتها، فذُكر له أن عالمًا بالحلة، هناك، أنه يعيدها إليه، فدعاه، فقدم إليه، فأفتاه بأنها تحل له من غير محلل، فأعجبه ذلك، فقربهُ، فألف له هذا الكتاب، طمع فيه.

لكن هذا فيه عبرة، قضية التشيع، والضلال، والانحراف، إلى آخره، هي ليست فتنتهم جديدة، بل قديمة، ففي مثل ذلك الزمان، هذا ملك، ولما تقرأ كلام ابن المطهر عنهُ، يتكلم على أنهُ ملك العجم والعرب، وأنهُ يسهب في مدحه، ويطريه إطراء عظيمًا، كأنهُ قد ملك المشارق والمغارب، لكن هذا خدا بندا الذي سمعتم، من منكم سمع به قبل اليوم؟ كم واحد يرفع لي يده أشوف؟ من يعرف خدا بندا؟ من يستطيع أن يذكر لي ترجمه لخدا بندا هذا؟

لا أحد، ذهب، وذهب باطله، وملكه معه، وبقي الحق، فالذي ينحرف، سواء كان من الملوك، أو كان ممن دونهم من المنتسبين للعلم، أو من العامة، أو ما يسمى بالمثقفين؛ فإنهُ لا يضر إلا نفسه، والله غني عنا جميعًا، فهذا الملك تشيع، ثم ماذا؟ ذهب، وذهب ملكهُ، وبقي الحق، وقل مثل ذلك في أشياء كثيرة في جرأتهم، وفي التاريخ عبر.

هذا واحد من الرافضة دخل جامع دمشق، وصار يعلن سب أبي بكر وسب عائشة -رضي الله عنها- وما إلى ذلك، وسب عمر، فأخذوه، وجاءوا به إلى القاضي السبكي، وسأله عن ذلك، فأعاد عليه السب، وأقبح مما قال، ثم حكم عليه بالقتل، ما كان يرعوي، وكان يجترئ غاية الجرأة، فمثل هذا الباطل حينما ينتفش في وقت من الأوقات، أو يجترئ أهلهُ، فإن ذلك لا يعني نهاية المطاف، وإنما يذهب، ويزول، ويضمحل فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد:17]، والله المستعان.

على كل حال كتاب ابن المطهر هذا يدور حول موضوع الإمامة بصورة، أو بصفة خاصة، هو المحور الأساس فيه، وإن كان فيه تعرض لبعض قضايا الاعتقاد عند الشيعة؛ ولهذا تجد في كلام شيخ الإسلام هنا في مسائل تتعلق بتسلسل الحوادث، الأفعال الاختيارية المتعلقة بذات الله قضايا تتعلق بالصفات، قضايا تتعلق بالقدر، كل هذا موجود في هذا الكتاب، لكن الموضوع الأساس هو موضوع الإمامة باعتبار أن هذا الرافضي ذكر بأن مسألة الإمامة هي أهم مسائل الدين -كما سيأتي- وأنها هي المطلوب الأعظم، وأنها أصل، بل هي ركن من أركان الإسلام.

فشيخ الإسلام بدأ معه يرد عليه في هذا الكلام الذي يقوله، وذكر في مقدمة هذا الكتاب أنهُ احضر له طائفة من أهل السنة كتابا صنفه بعض شيوخ الرافضة في عصره، منفقا لهذه البضاعة، إلى آخر ما ذكر، ثم قال: إنه أرسله إلى هذا الملك من أهل الجاهلية ممن قلّت معرفتهم بالعلم، والدين، ولم يعرفوا أصل الدين المسلمين، وأعانه على ذلك من عادتهم، اسمع من وقت شيخ الإسلام، وقبل ذلك، من عادتهم إعانة الرافضة من المتظاهرين بالإسلام من أصناف الباطنية الملحدين، الذين هم في الباطن من الصابئة، الفلاسفة، الخارجين عن حقيقة متابعة المرسلين، الذين لا يوجبون اتباع دين الإسلام، ولا يحرمون اتباع ما سواه من الأديان، بل يجعلون الملل بمنزلة المذاهب، والسياسات التي يسوغ أتباعها، وأن النبوة نوع من السياسة إلى آخره، هذا يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله-.

وذكر أيضًا شيخ الإسلام أشياء من حال هؤلاء، وما يحصل منهم، قال: ومنهم من أدخل، يعني: الرافضة على الدين من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد، فملاحدة الإسماعيلية والنصيرية، وغيرهم من الباطنية المنافقين من بابهم دخلوا، وأعداء المسلمين من المشركين وأهل الكتاب بطريقهم وصلوا، واستولوا بهم على بلاد الإسلام، وسبوا الحريم، وأخذوا الأموال، وسفكوا الدم الحرام، وجرى على الأمة بمعاونتهم من فساد الدين والدنيا ما لا يعلمه إلا رب العالمين، يقول: إذ كان أصل المذهب، مذهب الرافضة مِن إحداث الزنادقة المنافقين، الذين عاقبهم في حياته علي أمير المؤمنين -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- إلى آخر ما ذكر.

فهذا الكلام يفسر لك ما يجري اليوم، يعني: ما يجري بين إيران وسوريا، تقول: هؤلاء إماميه، وهؤلاء نصيرية من الباطنية، فما العلاقة بينهم؟ نقول: هؤلاء لم يزالوا يجتمعون على حرب المسلمين، وإعانة الأعداء دائمًا على أهل الإسلام، وهذا ابن المطهر تكلم عليه شيخ الإسلام بكلام، وكذا الذين ترجموه، مما يدل أن الرجل كان عنده نزعة أيضًا كان عنده نزعة باطنية إسماعلية، وكان على علاقة ببعض ملوك الإسماعيلية، وفي مؤلفاته ما يدل على هذا، على الذب والدفاع، وتزيين وتحسين مذهب الباطنية، فالرجل عنده هذه النزعة، ومن ثم فإن شيخ الإسلام أيضًا يتعرض في هذا الكتاب للإسماعيلية والباطنية والقرامطة بطوائفهم المختلفة، هذا ما يتعلق جملة بهذا الكتاب العظيم المبارك، وقد طبع طبعه محققة في نحو تسعة مجلدات مع الفهارس، أليس كذلك؟.

"هجران أهل البدع، وترك عياداتهم، وتشييع جنائزهم من باب العقوبات الشرعية، وهو يختلف باختلاف الأحوال من قلة البدعة وكثرتها، وظهور السنة وخفائها، وأن المشروع هو التأليف تارة، والهجران أخرى، كما كان ﷺ يفعله؛ لأن المقصود دعوة الخلق بأقرب طريق إلى طاعة الله، فيستعمل الرغبة حيث تكون أصلح، والرهبة حيث تكون أصلح".

الآن هذا الكلام الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- لما تكلم على الرافضة، وذكر كلام أهل العلم من السلف، فمن بعدهم على أنهم أكذب الطوائف، وأن روايتهم ترد، وأن شهادتهم كذلك أيضًا مردودة.

ثم بعد ذلك تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- على سائر طوائف أهل الأهواء كالخوارج، والمرجئة، ونحوهم، وذكر خلاف أهل العلم، هل تقبل شهادتهم، وهل أيضًا تقبل روايتهم، أو لا؟

على قولين، وأن من أهل العلم من فرق بين الداعي إلى بدعته ومن كان مستترًا، ثم بين شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- أن ترك الرواية عن هؤلاء أهل الاهواء لا لفسقهم، وإنما كان ذلك، يعني: ممن لا يتهم بالكذب، يعني: غير الرافضة، وإنما لزجرهم، وهجرهم، والإغلاظ عليهم، وهكذا ترك الصلاة خلفهم، أنهُ لا يقدم في الصلاة، والسبب في ذلك؟ يقول: لا لفسقه، وانما لزجره، والإغلاظ عليه، فإن هذا يدل على نوع من الإنكار والرفض لبدعته وباطله وهواه، فهنا يؤصل مسألة الهجران، قضية الهجر أنها قضية هي من قبيل الدواء والعلاج، فيوضع حيث نفع، وحاصل ذلك أن الهجر يكون أما لزجر المهجور، يعني: لأمر يتعلق بالمهجور، إما لزجره عن باطلة، وإما لأمر يتعلق بالهاجر، كأن يكون لا يسلم إلا بالهجر، واضح؟ وأن الهجر ليس مقصودا لذاته، وانما هو علاج يوضع حيث نفع.

ويذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- في كتبه عمومًا أن ذلك يختلف، فإذا كان الناس في وقت يكثر فيها البدع والأهواء، وما إلى ذلك؛ فإن صاحب السنة إذا هجرهم سيكون في النهاية هو المهجور إلا إذا كان هجره لهم من باب السلامة، طلب السلامة والعافية من بدعهم، إذا كان لا يحصل له ذلك، ولا ينجوا ويسلم إلا بهجرهم، أما إذا كانت يقصد الإغلاظ على هؤلاء والزجر فإنهُ سوف يتحول إلى مهجور.

فيقول: بأن هجران هؤلاء، وترك العيادة وتشييع الجنائز هو من باب العقوبات الشرعية، ويختلف باختلاف الأحوال من قلة البدعة وكثرتها، وظهور السنة وخفائها، وأن المشروع هو التأليف تارة، والهجران أخرى، كما كان النبي ﷺ يفعل، فالنبي ﷺ هجر الثلاثة، ولا يشك في إيمانهم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، ولم يهجر النبي ﷺ المنافقين، سواء كان أولئك ممن تخلف عن غزوة تبوك، أو غير هؤلاء مما صدر منهم أشياء في حقه ﷺ أو في حق أصحابه، أو في حق دين الإسلام، فلم يأمر بهجرهم، فهذا يختلف بحسب الأحوال، والأشخاص، والأزمنة، والأمكنة، فإذا كان الإنسان في بيئة لا يتحقق النفع من الهجر فإن الهجر لا يكون له معنى إلا إذا كان يفعل ذلك لنفسه، ليسلم في خاصته، ولهذا من الخطأ أن نأتي إلى عبارات مثل عبارات الإمام أحمد -رحمهُ الله- أو عبارات للأئمة المتقدمين من السلف، ونريد أن ننزلها على كل عصر، هذا لا يمكن؛ لأن النتيجة تختلف.

ولهذا كان أهل السنة من المتقدمين من السلف يفرقون، فالبلد مثل البصرة التي ينتشر فيها القدر، القول بالقدر، ما كانوا يأمرون بالهجر فيها، وهكذا فيما يتصل بالرواية عن هؤلاء ممن لا يتهم بالكذب، فإنهم رووا عن هؤلاء من الخوارج، ومن اتهم بشيء من القدر أو الإرجاء، ونحو هذا، وإلا لضاع كثير من السنة.

فلو ترك ذلك زجرًا لأهل الأهواء لكانت المفسدة أعظم لكثرتهم، وكثرة من رمي بشيء من ذلك، فهذه مسألة تحتاج إلى شيء من الفقه، ومن الغلط أن يأتي إنسان ويأخذ بعض العبارات قالها عالم في مناسبة معينة ثم يريد أن يطبق ذلك على كل من خالفه، فهذا أخطر، وأسوأ، فقد يكون هذا المخالف خالفه بنوع اجتهاد، فيريد أن يقول: فيه ما قاله الإمام أحمد فيمن عاصره، وأمر الإمام أحمد -رحمهُ الله- بهجره، أو نحو ذلك.

"وهو ﷺ أمره شامل عام، لكل مؤمن شهده أو غاب عنه، في حياته وبعد مماته، وإذا أمر أناسًا بأمور، وحكم في أعيان معينة بأحكام لم يكن حكمه وأمره مختصًا بتلك المعينات، بل كان ثابتًا في نظائرها وأمثالها إلى يوم القيامة".

هذا المقطع الآن من قوله، وهو ﷺ أمره شامل لكل مؤمن، هنا بدأ يرد على هذا الرافضي، هناك في مقدمات كان يتكلم على الرافضة، ومذهب الرافضة، وكذب الرافضة، وما قاله السلف فيهم، من استحلالهم الكذب، وأن دينهم مبني على ما يسمونه بالتقية، ونحو هذا، وهنا بدا يرد على كلام ابن المطهر في أول كتابه، فابن المطهر في أول كتابه زعم كما سبق أن الإمامة هي أهم مطالب الدين، وأنها أشرف مسائل المسلمين، وأنها من أركان الإيمان، أحد أركان الإيمان، فشيخ الإسلام يرد عليه، يقول: هذه أهم مطالب الدين، وبدأ شيخ الإسلام يبين تهافت هذا القول، يعني: كيف، يقول: إمامة من؟

هل يقصد الإمامة التي هي الولاية أصلاً، طيب حينما كان النبي ﷺ لا ولاية له بمكة، هل كانت الإمامة والولاية هي أشرف مطالب الدين؟

ثم هذا الشيء الذي يحتاج إليه، ويكون بهذه المنزلة، وكذا، هل صار مثل النصوص الواردة في الإيمان والتوحيد حتى في أركان الإسلام ما يتعلق بالصلاة، والصيام، والزكاة، وما إلى ذلك، تكاثرت النصوص فيها، يقول: لم يكن شيء من ذلك بهذه المثابة.

يقول: وإن كان يقصد أن هذه الإمامة يقصد بها إمامة معينة، وهي إمامة علي يقول: فما الشأن قبلهُ، فما الشأن قبل علي في زمن النبي ﷺ في زمن أبي بكر، في زمن عمر، في زمن عثمان؟ فكيف ضاعت أهم مطالب الدين؟

وإذا كان يقصد بالإمامة الأئمة الاثني عشر، يقول: بعد العسكري هذا الغائب، يقول: إلى عصرنا هذا لا يوجد إمام، ولا تعرف حاله، وليس لهُ فيه شيء أمرٌ، ولا نهي، ولا تدبير، ولا الغائب، فيقول: مثل هذا كيف تكون أهم مطالب الدين، ثم يكون القائم بأمر الزمان كما يقال مختفي في السرداب، وهو صغير، ولا قيام له بقليل ولا كثير من أمور الإمامة.

يقول: وإذا كانوا يقصدون بذلك أناسًا من آبائه ممن لم تحصل لهم أمارة، وولاية، ونحو ذلك، وأنهم أهل لها يقول: فما الفائدة، يقول: يوجد من الناس المفضولين في زمني السلف -رضي الله تعالى عنهم- عبر العصور ما لم تكن لهم ولاية، وإن كانوا أولى بها ممن حصلت له الولاية، لكن لو جاءهُ الناس، وقالوا له: نعتبر أنك أنت الإمام، ونحن نسمع لك ونطيع، إلى آخره، يقول: لم يكن يغني عنهم شيئًا، فيقول: مسألة كونها أهم مطالب الدين، إلى آخره بأن مثل هذا، كيف يكون أعظم من التوحيد، والإيمان، و و... إلى آخره، ثم لا يكون الشارع يقررها كما يقرر تلك المسائل.

ثم يقول: النبي ﷺ نحن ما أمرنا بطاعته؛ لأنه كان الحاكم -عليه الصلاة والسلام- في زمانه، وعصره، إنما أمرنا أن نطيعه؛ لأنهُ رسول الله ﷺ وليس ذلك لولايته؛ ولهذا يقول: فإن أمره ﷺ نافذ قبل الولاية حينما كان في مكة، ويجب طاعته، ونافذ بعد موته ﷺ ونافذ على من بلغه، ممن عاصره، أو جاء بعده، إلى يوم القيامة قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النور:54] إلى آخره.

فيقول: النبي ﷺ حينما يأمر واحدًا من الأمة، ويقول مثلاً لعائشة -رضي الله عنها-: أفعلي ما يفعل الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت، لما حاضت في الحج، يقول: هذا أمر لكل من وقع له مثل ذلك إلى قيام الساعة، فأمره ﷺ نافذ في الأمة.

الرجل الذي جاء، وقد تلطخ بالطيب، فأمره النبي ﷺ أن يخلع الثياب التي أصابها، أمره أن يغسل أثر ذلك عنه، فهذا يؤمر به.

الذي تأذى من رأسه، ومن هوام من رأسه أمره أن يحلق، وأن يفتدي، فهذا لكل من وقع لهُ ذلك، ولا يختص بهذا المعين، وهذه مسألة معروفة في أصول الفقه، وهو أن أمره ﷺ لواحد من الأمة أمر للجميع، إلا لدليل، إلا لصارف يدل على التخصيص لهذا المعين، وهذا على كل حال يذكره في الرد على قول هذا الرافضي في أول كتابه، طبعًا هذا الكلام بعد الكلام السابق بكثير، يعني: إذا كان الكلام السابق صفحة 63 هذا ذكره في حدود صفحة 81.

"125- والقول كلما كان أفسد في الشرع كان أفسد في العقل، فإن الحق لا يتناقض، والرسل إنما أخبرت بحق، والله فطر عباده على معرفة الحق، والرسل بعثت بتكميل الفطرة لا بتغيير الفطرة، قال الله تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت:53] فأخبر أنه سيريهم الآيات الأفقية والنفسية المبينة؛ لأن القرآن الذي أخبر به عباده حق، فتتطابق الدلالة البرهانية القرآنية، والبرهانية العيانية، ويتصادق موجب الشرع المنقول والنظر المعقول".

وهذا الكلام أيضًا ذكره في سياق كلامه على مسألة تسلسل الحوادث، وقيام الأفعال، أو الصفات الاختيارية بالله -تبارك وتعالى- وذكر أقوال المتكلمين والفلاسفة في ذلك، وضعف أصول أهل الكلام التي يبنون عليها، سواء كان ذلك في السمعيات أو في العقليات، فحينما تكلم على طرائق المتكلمين في هذا، والضعف الحاصل لهم في باب العقليات وباب السمعيات الذي أوقعهم في أمور من تسلط الفلاسفة والمخالفين لهم، ووقوعهم أيضًا في أمور من المناقضات، فشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله- يقول: كما سبق في الكلام على كلامه في درء التعارض من أن العقل لا يعارض النقل، فهذا الكلام له اتصال بهذه القضية التي سبق الكلام عليها، فهو يقول: كلما كان القول أفسد في الشرع، يعني: في النقل يقصد، كما قلت: يتوسعون في العبارة، وإلا فالدقيق أن يقال: النقل، والعقل، كلما كان أفسد في الشرع؛ كان أفسد في العقل، بأي اعتبار؟

باعتبار ما عرفنا من أن العقل لا يعارض النقل، ومن ثم فإن ما دل عليه النقل الصحيح لا بد أن يوافق العقل الصحيح، النقل الصحيح الصريح لا بد أن يوافقه، فإذا وجد عقل يخالفه، فلا شك أنهُ فاسد؛ لأن الله -تبارك وتعالى- هو الذي خلق العقول، وهو الذي شرع الشرائع، وهو الذي أمر ونهى، ولا يمكن أن يأتي ذلك بما يخالف العقول، فالأدلة الصحيحة لا يمكن أن تتناقض من كل وجه.

فيقول: القول كلما كان أفسد في الشرع؛ كان أفسد في العقل؛ لأن العقل سيرفضه ولا بد، فإن الحق لا يتناقض، والرسل إنما أخبرت بحق، هذا الحق موافق للفطر والعقول، وإن تقاصر فهم بعض الناس عن إدراك هذا، لكنه الواقع، والله قال: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت:53] يعني: في الأمور المدركة بالحس والعيان والعقل أيضًا، فيعرفون أن ما جاء به الرسول ﷺ أو أن القرآن حق.

"126- والنص، والعقل دل على أن كل ما سوى الله مخلوق حادث، كائن بعد أن لم يكن، ولكن لا يلزم من حدوث كل فرد فرد، مع كون الحوادث متعاقبة حدوث النوع، فلا يلزم من ذلك أن يكون الفاعل المتكلم معطلاً عن الفعل والكلام، ثم حدث ذلك بالسبب كما لم يلزم مثل ذلك في المستقبل، فإن كل فرد فرد من المستقبلات المنقضية فانٍ، وليس النوع فانيًا".

هذا الكلام يتعلق بمسألة قيام الأفعال الاختيارية أيضًا بالله -تبارك وتعالى- وانجر الكلام فيه إلى مسألة تسلسل الحوادث، وكذلك أيضًا ثبوت الحكمة والتعليل لله ، وأقوال الطوائف في هذا الكلام، تكلم عليها شيخ الإسلام، ثم ذكر هذا الكلام، وهو أن النص والعقل دل على أن ما سوى الله مخلوق حادث كائن بعد أن لم يكن.

يعني: شيخ الإسلام يقرر بأن العالم حادث، وأنهُ ليس بقديم، وأن كل المخلوقات حادثة، كائنة بعد أن لم تكن، ولكنه يقرر -كما سبق- أن الله متصف بالكمال منذُ الأزل، فلم يكن معطلاً في أوصافه، وصفة الكلام ثابتة لهُ، ويتكلم متى شاء، كما أن الصفات المتعلقة بمشيئته، وإرادته ثابته له، فهو -تبارك وتعالى- لم يزل يخلق.

يقول: لكن لا يلزم من حدوث كل فرد فرد، يعني: كل فرد مخلوق، وهو مسبوق بالعدم، لا يلزم من حدوث كل فرد فرد، مع كون الحوادث متعاقبة حدوث النوع، فهو يقول: نوع الحوادث، النوع، وليس الأفراد، يعني: بمعنى أن الله لم يزل متصفًا بصفات الكمال، فلم يزل يخلق منذُ الأزل، لكن أفراد الحوادث، المخلوقات هذا، وهذا، وهذا، وهذا كلها مسبوقة بالعدم، كائنة بعد أن لم تكن.

يقول: فلا يلزم من ذلك أن يكون الفاعل المتكلم معطلاً عن الفعل والكلام، ثم حدث ذلك بالسبب، كما لم يلزم مثل ذلك في المستقبل، يعني: أنهُ -تبارك وتعالى- لم يكن يخلق، ثم طرأ ذلك عليه بعد.

وهكذا في كلامه -تبارك وتعالى- وسائر أفعاله الاختيارية، يقول: كما لم يلزم مثل ذلك في المستقبل، فإن كل فرد فرد من المستقبلات المنقضية فان، وليس النوع فانيًا، كما قال الله في نعيم أهل الجنة: أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا [الرعد:35] وقال: إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ[ص:54] فنعيم أهل الجنة لا ينفذ، وإن كانت آحاد هذه المخلوقات فانية، تنفد كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] لكن لا يزال الله يخلق لهم من ألوان النعيم، فكما أنه -تبارك وتعالى- يخلق ما شاء في المستقبل بلا انقضاء إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ[ص:54] فكذلك أيضًا في الماضي، فيقول: يقال في الماضي، كما يقال في المستقبل.

الطالب: هل يقصد كما لا يلزم ذلك في المستقبل مثل صفات الكلام، أنه تكلم في القرآن، ثم لم يكن كلامٌ؟

الشيخ: لا، هم يقولون مثل الأشاعرة في مسألة القرآن، بأنه معنى واحد على أساس ما يربطونه بالمشيئة والإرادة، والمعتزلة يقولون: خلقه، الكلام في مسألة المخلوقات، خلق الإنسان والحيوان، وما إلى ذلك، من الأفلاك، يقول: إذا كنتم تقولون: إن الله -تبارك وتعالى- لم يزل يخلق في المستقبل، مع أن هذه الأفراد في المخلوقات تفنى، يعرض لها الفناء، إلا أن النوع باق، فكذلك في الماضي، فهذا تسلسل في الحوادث في المستقبل، وذاك تسلسل في الحوادث في الماضي، لكن القدر الذي يجب أن تفهمه، هو أن كل مخلوق فهو حادث، كائن بعد أن لم يكن، مسبوق بالعدم، والله هو الأول الذي ليس قبله، فما سوى الله فهو مخلوق، حادث، لكنه، لم يكن معطلاً من صفات الكمال.

"أهل السنة يقولون: ينبغي أن يولى الأصلح للولاية إذا أمكن، إما وجوبًا أو استحبابًا، ومن عدل عن الأصلح مع القدرة لهوى؛ فهو ظالم، ومن كان عاجزًا عن تولية الأصلح مع محبته لذلك، فهو معذور، ويقولون: من تولى فإنه يستعان به على طاعة الله بحسب الإمكان، ولا يعان إلا على طاعة الله، ولا يستعان به على معصية الله، ولا يعان على معصية الله".

شيخ الإسلام يرد على هذا الرافضي في مسألة الإمامة، ومن أولى بالإمامة، وما إلى ذلك، فيقول: هذه الشريعة أهل السنة هي لتكثير المصالح وتقليل المفاسد، وأن العمل إنما يكون بقدر الاستطاعة، وأن الإنسان لا يجب عليه أكثر من ذلك لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286] فقد يوجد فاضل لا يمكن توليته، ويوجد مفضول صاحب ولاية، فما العمل؟

فالخروج عليه يترتب عليه مفسدة أكبر، وكذلك أيضًا الناس في رجوعهم إليه، وفي طلب حقوقهم التي قد يظلمون، وتؤخذ، إلى آخره، هم لا يستطيعون غير هذا الطريق، أن يأخذوا حقهم من ظالمهم عن طريق هذا الغشوم الظالم، الذي تولى عليهم، فيقول: هذا الذي يكون بإمكانهم، فلا يكون الواحد منهم ملومًا بهذا الاعتبار؛ لأن ذلك هو الذي بوسعهم، فأين هذا من التعلق بمعدوم، ورفض كل هذا التاريخ بكامله، في ولاية الخلفاء فمن بعدهم، والتشبث بمعدوم لا حقيقة له، ولو كان له حقيقة فإنه لا أثر له في الواقع، فلا يمكن أن ينصف أحدًا، وهكذا.

فهو يقول: بأن أهل السنة لا يقولون: إن الواحد من هؤلاء كان هو الذي يجب أن يولى دون من سواه، مثل خلفاء بني العباس، خلفاء بني أمية، ومن جاء بعدهم، ولا يقولون: إنه تجب طاعته في كل ما يؤمر به؛ إنصافًا لأهل السنة، لكن يقولون: يطاع بالمعروف، فإذا عصى الله -تبارك وتعالى- وأمر بمعصية؛ فإنهُ لا يطاع في ذلك، ويقولون: بأن الواحد من هؤلاء، ونوابهم، وغيرهم لا يجوز أن يطاع في معصية الله، بل يشارك فيما يفعلهُ من طاعة الله، ويقولون: إنهُ قد تولى غير هؤلاء، تولى بالغرب، يعني: بالمغرب، طائفة من بني أمية، وطائفة من بني علي، ومن المعلوم أن الناس لا يصلحون إلا بولاة، وأنهُ لو تولى من هو دون هؤلاء من الملوك الظلمة؛ لكان ذلك خير من عدمهم، كما يقال: ستون سنة مع إمام جائر، خير من ليلة واحدة بلا إمام، وهذا أمر مشاهد.

يقول: وكل من تولى كان خيرا من المعدوم المنتظر، الذي تقول الرافضة إنهُ الخلف الحجة، فإن هذا لم يحصل بإمامته شيء من المصلحة لا في الدنيا ولا في الدين أصلاً، فلا فائدة من إمامته إلا الاعتقادات الفاسدة، والأماني الكاذبة، والفتن بين الأمة، وانتظار من لا يجيء، فتطوى الأعمار، ولم يحصل من فائدة هذه الإمامة شيء، يقول: أين العقول؟

ويذكر أيضًا يقول: بأن الناس لا يمكنهم بقاء أيام قليله بلا ولاة أمور، بل كانت حياتهم تفسد، أمورهم تفسد، فكيف تصلح أمورهم إذا لم يكن لهم إمام إلا من لم يعرف، ولا يدري ما يقول: ولا يقدر على شيء من أمور الإمامة، بل هو معدوم، وأما آباؤه فلم يكن لهم قدرة، ولا سلطان الإمامة، بل كان لأهل العلم، والدين منهم إمامة أمثالهم من جنس الحديث والفتية، ونحو ذلك، يعني: إمامة في العلم، لم يكن لهم سلطان الشوكة، فكانوا عاجزين عن الإمامة، سواء كانوا أولى بالإمامة، أو لم يكونوا أولى، يعني: هذا الجدل لا قيمته له.

يقول: فبكل حال طبعًا أنا أختصر كثيرا من كلامه، يقول: فبكل حال ما مكنوا، ولا ولووا، ولا كان يحصل لهم من المطلوب من الولاية؛ لعدم القدرة والسلطان، ولو أطاعهم المؤمن لم يحصل لهُ بطاعتهم المصالح التي تحصل بطاعة الأئمة من جهاد الأعداء، وإيصال الحقوق إلى مستحقيها، وإقامة الحدود، ونحو ذلك، يعني: يقول: ما الفائدة أن يأتي الإنسان، ويقول: أنا أطيع فلانًا من الناس، أنا أبايع فلانًا من الناس، وليس شوكة، ولا يستطيع أن يقيم دين الله في الناس، فهذا لا قيمة له، لا فائدة له، وبهذا يعرف أيضًا انحراف من يتوهم في مثل هذه الأمور، في هذا العصر، في هذا الزمان، حتى بعض من ينتسبون للسنة، أنهُ إنما يبايع زيدًا أو عمروًا ممن ليست له ولاية، ولا شوكة، ولا إمارة، ولا قوة، ولا قدرة، فيتشبث بمعدوم، ويتعلق بموهوم.

يقول: ومن المعلوم أن أهل السنة لا ينازعون في أنهُ كان بعض أهل الشوكة بعد الخلفاء الأربعة يولون شخصًا، مع أن غيره أولى بالولاية منه، ويمثل بعمر بن عبد العزيز، يقول: كان يختار أن يولي القاسم بن محمد، يعني: ابن أبي بكر الصديق، حتى أنه قيل فيه كما قال الزبير : ما رأيت أشبه بأبي بكر من هذا الفتى، يعني: كان أشبه ما يكون بأبي بكر الصديق فكان عمر بن عبد العزيز يريد أن يوليه الخلافة، لكنه ما كان يستطيع، لم يطق ذلك؛ لأن أهل الشوكة لم يكونوا موافقين على ذلك؛ ولأنه كان قد عقد معه العهد حينما بويع بالخلافة أنها من بعده لمن؟ ليزيد بن عبد الملك، فكان يزيد هو ولي العهد، القضية مرتبة من قبل.

يقول: فحينئذ فأهل الشوكة الذين قدموا المرجوح، وتركوا الراجح، أو الذي تولى بقوته، وقوة أتباعه ظلمًا وبغيًا يكون أثم هذه الولاية على من ترك الواجب، مع قدرته على فعله، أو أعان على الظلم، وأما من لم يظلم، ولا أعان ظالمًا، وإنما أعان على البر والتقوى فليس عليه في هذا شيء، وتكلم بكلام نحو هذا في غاية النفاسة، يحسن مراجعته.

ثم يذكر هؤلاء الرافضة ما الذي حصل لهم بعد ما اعتقدوا هذه العقيدة الفاسدة في موضوع الإمامة، والإمام الغائب، وكان موقفهم من الأئمة، والخلفاء بهذه الصورة السيئة، يقول: ولهذا كانت الرافضة لما عدلت عن مذهب أهل السنة في معاونة أئمة المسلمين، والاستعانة بهم دخلوا في معاونة الكفار، والاستعانة بهم، فهو يدعون إلى الإمام المعصوم، ولا يعرف لهم إمام موجود يأتمون به إلا كفور أو ظلوم، فصاروا يعينون أعداء الإسلام على المسلمين.

وشيخ الإسلام يتكلم على قضايا تتصل بهذا، يقول: مثال ذلك: أن ولي الأمر إذا كان عنده شخصان، ويعلم أنهُ إن ولى أحدهما أطيع، وفتح البلاد، وأقام الجهاد، وقهر الأعداء، وأنهُ إذا ولى الآخر لم يطع، ولم يفتح شيء من البلاد، بل يقع في الرعية الفتنة والفساد، يعني: حاصل كلام شيخ الإسلام: أن تولية المفضول أولى في هذه الحالة؛ من أجل أن يستقيم الأمر في البلد، وتستقيم أحوال الرعية، وهذا يحتاج الناس إليه اليوم في بعض بلاد المسلمين.

الآن في بلاد خرجت على حال جديدة، في مثل تونس، ومصر، وليبيا، ونحو ذلك، فقد يكون هؤلاء لا يستطيعون فعل كل ما أمر الله به، ورسوله ﷺ فإذا علم منهم، والله أعلم بالسرائر، الصدق في طلب إقامة الحق، والعدل، وتحكيم الشرع، وكانت تصوراتهم في هذا الباب صحيحة، يعني: على ما جاء به الرسول ﷺ فإنهم يعذرون فيما عجزوا عنه، فيما يقلب عليهم الحال مثلاً، فيما ينفرط به أمر الرعية، فيما يحصل به قتال، وفتنة بين الناس؛ فيؤجل إلى وقت الإمكان، واضح؟

لكن المشكلة متى تكون؟ إذا كان هناك نوع نفاق، وكذب، ومراوغة لتحصيل ولاية، أو نحو ذلك، وهو غير صادق، أو كانت مفاهيمه عن الإسلام أصلاً غير صحيحة، كأن يكون عنده غبش، وبدعة، وضلالات، ونحو ذلك، ويقول: المسألة ليست مرحلية، هذا هو الإسلام، نحن نحكم بالديمقراطية، ونطلق المجال على مصراعيه في الحريات، والمرأة صنو الرجل، ولا فرق بين الرجل، والمرأة، وهي تعمل مع الرجل على حد سواء، ويشرع للاختلاط، وما إلى ذلك، ويقول: هذا هو الإسلام، لا مرحليًا؛ لأن الناس ما اعتادوا على لزوم الحق واتباعه، فهذا مصيبة، واضح؟

هذا يكون من أصحاب الأهواء والضلالات والبدع، وإن كان هؤلاء أن يكون الواحد منهم أخف شرًا من ذلك المارق، الذي لا شك في محاربته للإسلام وأهله صراحة، عيانًا، فيكون هذا نوع من تخفيف الشر، والشر بعضه أهون من بعض، ولكن مسألة فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن:16] هذه قضية حاصلة فيما يتصل بالأشخاص والأعيان في عباداتهم وأعمالهم، وكذلك أيضًا على مستوى الأمة في باب الولايات، وما أشبهه هذا، وهذا باب دقيق يحتاج إلى فقه، ويحتاج إلى علماء راسخين، ولا يصلح أن يفتح المجال على مصراعيه يتكلم فيه جميع الناس بدعوى الحرية، حرية الرأي، والمشاركة في اتخاذ القرار، كما يقولون: وما شابه ذلك، والله المستعان.

  1. أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، برقم (7296).
  2. أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم (3276).
  3. انظر: مفاتيح الغيب - التفسير الكبير، للرازي (2/367).
  4. انظر: التبري من معرة المعري، للسيوطي (1).
  5. أخرجه أحمد في مسنده، برقم (4318)، وصححه الألباني في الكلم الطيب، برقم (124).
  6. أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (486).
  7. أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، والشروط التي يتعارفها الناس بينهم، وإذا قال: مائة إلا واحدة أو ثنتين، برقم (2736)، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم (2677).

مواد ذات صلة