الثلاثاء 09 / رمضان / 1445 - 19 / مارس 2024
(008-أ) من قوله تعالى (جعل الله الكعبة البيت الحرام..) الآية 98 – إلى قوله (..عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم..) الآية 106
تاريخ النشر: ٢٧ / صفر / ١٤٣٩
التحميل: 932
مرات الإستماع: 778

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلمنا الحكمة والقرآن، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولشيخنا والحاضرين والمستمعين، أما بعد:

فيقول الإمام ابن جزي عند قوله -تعالى-:

جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِيامًا لِلنَّاسِ؛ أي: أمرًا يقوم للناس بالأمن والمنافع.

وقِيل: موضع قيامٍ بالمناسك، ولفظ (الناس) هنا عام، وقيل: أراد العرب خاصةً؛ لأنهم هم الذين كانوا يعظِّمون الكعبة.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقوله -تبارك وتعالى-: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِيامًا لِلنَّاسِ، يقول: "أي: أمرًا يقوم للناس بالأمن والمنافع"؛ يعني أنَّه قِوامٌ لهم، تقوم به منافعهم ومصالحهم، ومعايشهم ومعادهم أيضًا، ما يتّصل بدِينهم ودُنياهم وأمْنِهم؛ فعليه مَدار معادهم ومعاشهم ودِينهم، يأمَن فيه الخائف، ويُنصَر الضعيف، ويتَّجر مَن يتَّجر، ويتعبَّد مَن يتعبَّد، فتقوم به هذه المصالح الدنيويَّة والأخرويَّة.

وأبو جعفر ابن جرير -رحمه الله- فسَّر ذلك من جِهة كَونِه قِوامًا للناس الذين لا قِوام لهم من رئيسٍ يحجُز قويَّهم عن ضعيفهم، ومُسيئهم عن مُحسِنهم، وظالمهم عن مظلومهم، فهذا يقصِد به أنَّ ذلك من قَبيل العام المراد به الخصوص[1]؛ بمعنى ما ذكره هنا من قوله: "ولفظ (الناس) هنا عام" وهذا هو الظاهر، لكن مَن خصَّه بالعرب، فيكون (الناس) من قَبيل العام المراد به الخصوص، أطلق العام على بعض أفراده.

فقول ابن جرير -رحمه الله- هنا باعتبار أنَّ العرب لم يكن لهم في الجاهليَّة نظام، ولم يكن لهم رئيسٌ يمنع بعضهم من بعض، فكان هذا الحرام يأمنون به، ولا يحصُل فيه اعتداء، فتقوم بذلك مصالحهم الدِّينيَّة والدنيويَّة، حيث يأمنون فيه، لكن ظاهر ذلك -كما سبق- العموم، وأنَّه لا يختصُّ بالعرب، هكذا ما يتعلَّق بـ"الهَدي" وما ذُكِر معه؛ (الهَدي، والقلائد)؛ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ؛ يعني كذلك جعلها قِيامًا للناس كما جعَل الكعبة كذلك.

وابن جرير -رحمه الله- يحمِل هذا أيضًا بأنَّه حجَز بكلِّ واحدٍ من ذلك بعضهم عن بعض[2]؛ يعني لم يكن لهم قِيام غير هذا، فهذا الهَدي لا يعتدي عليه أحد، وكذلك هذه القلائد من للِّحاء شجر الحَرم؛ إذا رأَوها عظَّموها، فكانت تكفي لِمَنع المعتدي والظالم، فبهذا الاعتبار حملَه ابن جرير -رحمه الله-[3] مع كَونِها معالم لدِينهم ومصالح أمور هؤلاء تقوم بذلك؛ بأن ينتفعوا بهذا الهَدي بالأكل، وينتفعون بجلودِه، وما إلى ذلك.

وهذا المعنى الذي قاله ابن جرير نقَله الحافظ ابن كثير ولم يعزُه إليه[4]، وذكَر ابن كثير بأنَّ الله -تبارك وتعالى- جعَل هذه الأمور؛ يعني الكعبة والشهر الحرام والهَدي والقلائد، قِيامًا لِمَن يُحرِّم ذلك؛ يعني مَن يعتقده ويعتبر هذا، وهم العرب، كانوا يعظِّمونه، فهو بمنزلة الرئيس فيهم، يعني الأمم الأخرى كان لهم نظام ورئيس وكبير يرجعون إليه ويحجُز بعضهم عن بعض، أمَّا العرب فكانوا قبائل متفرِّقة متناحرة، يُغِير القويّ على الضعيف، ولهذا فإنَّ مَن نأى عن البيت ما كان يستطيع الوصول إليه إلَّا في الشهر الحرام، فيُقلِّدون هَديَهم من لِحاء شجر الحَرم، فيُعرَف، فيُعظَّم، وكان ذلك كافيًا للذَّبِّ عنه، بهذا الاعتبار حمَله هؤلاء العلماء.

كذلك الكعبة، لكن الذي يظهر أنَّ المعنى أعمّ من هذا، -والله أعلم-.

فالله -تبارك وتعالى- جعَل الكعبة البيت الحرام قِيامًا للناس من العرب وغيرهم، ولا يزال أمْرُ الناس قائمًا ما كان هذا البيت مطروقًا، يحُجُّ إليه الناس ويأتونه، فإذا تعطَّل فذلك مؤذِنٌ بخراب العالَم، كذلك ما يحصُل من المنافع والمصالح؛ من اجتماعهم وتشاورهم وتبادل مصالحهم، إلى غير ذلك.

قال: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ؛ قِيل لها ذلك باعتبار أنَّها مكعَّبة؛ يعني مربَّعة، أو لبروزِها وثبوتِها، كما يُقال للجارية تكعَّب ثديُها يُقال لها: كَعاب، بهذا الاعتبار؛ البروز.

وَالشَّهْرَ الْحَرامَ؛ يريد جِنس الأشهر الحُـرُم الأربعة؛ لأنَّهم كانوا يكفُّون فيها عن القتال، وَالْهَدْيَ؛ يريد أنَّه أمانٌ لِمَن يسوقُه؛ لأنَّه يعلم أنَّه في عبادة لم يأتِ لحرب.

يعني هي قِوامٌ في دِينهم بالثواب يتقرَّبون إلى الله بذلك، وفي دُنياهم بالبيع والشراء والأكل والركوب.

وَالْقَلائِدَ؛ كان الرجل إذا خرَج يريد الحجَّ تقلَّد شيئًا من السَّمُر.

السمر شجر من العِضاة معروف، يوجَد في أرض الحجاز.

وإذا رجَع تقلَّد شيئًا من أشجار الحَرَم، ليُعلَم أنَّه كان في عبادةٍ، فلا يتعرَّض له أحدٌ بشيء، فالقلائد هنا هو ما تقلَّده المحرِم من الشجر، وقيل: أراد قلائد الهَدي.

قال سعيد بن جُبير: جعَل الله هذه الأمور للناس في الجاهلية وشدَّدها في الإسلام[5].

يعني الله -تبارك وتعالى- خصَّ هذه بالذَّات بالذِّكر وإن كانت من أقلّ متعلَّقات الحجّ؛ يعني الهَدي والقلائد، يعني ليست في منزلة الطواف، والسَّعي، والوقوف بعرَفة، ورمْيِ الجِمار، ونحو ذلك، فبعض أهل العِلم يقول: خصَّها بالذِّكر وهي الأقل؛ تنبيهًا على أنَّ جميع علائق الكعبة قيام للناس حتى أدنى العلائق، يعني ليست هذه فقط بل المشاعر التي هي أعظم كالوقوف بعرَفة، والمــَـبيت بمُزدلِفة، والمــُـكث في مِنَى، ورمْيِ الجِمار، والطواف بالبيت، والسَّعي بين الصَّفا والمروة، كلُّ ذلك، -والله أعلم-.

ذلِكَ لِتَعْلَمُوا؛ الإشارة إلى جعْل هذه الأمور قِيامًا للناس، والمعنى: جعَل الله ذلك لِتعلموا أن الله يعلَم تفاصيل الأمور.

ذلِكَ لِتَعْلَمُوا؛ يقول: "الإشارة إلى جعْل هذه الأمور قِيامًا للناس"؛ يعني لِتعلموا أنَّ الله يعلَم تفاصيل الأمور، أو الأمر ذلك، أو الحُكم الذي حكمناه ذلك لا غيرُه، يعني على تقدير هذا كلُّه، يعني هنا يقول: "جعَل الله ذلك"؛ قد يكون التقدير: (الأمر ذلك)، أو (الحُكم الذي حكمناه ذلك لا غيرُه)، أو (ذلك الحُكم هو الحقّ لا غيرُه)، هكذا بحسب الإعراب.

وذكَر ابن جرير -رحمه الله- أنَّه صيَّر ذلك قِيامًا للناس كي تعلموا أنَّ مَن أوجَد لكم هذه المصالح الدنيويَّة لِمَا به قِوامُكم؛ عِلمًا منه بمنافعكم ومضارِّكم، أنَّه كذلك يعلم جميع ما في السماوات وما في الأرض ممَّا فيه صلاح عاجِلكم وآجِلكم، ولتعلموا أنَّه بكلِّ شيءٍ عليم، لا يخفى عليه شيءٌ من أموركم وأعمالكم، وهو مُحصِيها عليكم حتى يُجازي المحسِن بإحسانِه والمسيء بإساءتِه.

هذا معنى جيّد في بيان هذا الموضِع؛ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا.

لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ؛ لفظٌ عامٌّ في جميع الأمور من المكاسب والأعمال والناس وغير ذلك.

وعلى هذا العموم جرى ابن جرير -رحمه الله-[6]، وبعضهم يقول: لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ يعني: الحلال والحرام، وبعضهم يقول: المؤمن والكافر، وبعضهم يقول: العاصي والمطيع، وبعضهم يقول: الرديء والجيِّد، واللفظ عام في الآية لا يختصُّ ببعضٍ دون بعض؛ لا يستوي الخبيث والطيِّب من الذَّوات، الأفراد، الأشخاص، والأعمال، وكذلك أيضًا عموم الأشياء من المطعومات، والمكتسَبات، والمزاوَلات.

لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101]؛ قِيل: سببُها سؤال عبد الله بن حذافة: مَن أبي؟ فقال له النبي ﷺ: أَبُوكَ حُذَافَة، وقال آخر: أين أبي؟ قال: فِي النَّارِ[7].

هنا قوله: "لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ؛ قِيل: سببُها سؤال عبد الله بن حذافة: مَن أبي؟، وقال آخر: أين أبي؟" ذكر في الحاشية رقم 3،2 ذكَر تخريجَين، والواقع أنَّ كل هذا هو تخريج لنفس الرواية، هذا من حديث أبي هريرة ، وهو عند ابن جرير[8]، والطحاوي في "مشكِل الآثار"[9]، وجوَّد إسناده ابن كثير -رحمه الله-؛ قال: "إسناده جيّد"[10].

والحديث هذا فيه التصريح بسبب النزول، حديث أبي هريرة قال: خرَج رسول الله ﷺ وهو غضبان محمَرٌّ وجهه، حتى جلَس على المِنبر، فقام إليه رجلٌ فقال: أين أبي؟ فقال: فِي النَّار، فقام آخر: مَن أبي؟ قال: أَبُوكَ حُذَافَة، فقام عمر بن الخطاب فقال: "رَضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمحمدٍ ﷺ نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، إنَّا يا رسول الله حديثو عهدٍ بجاهليَّةٍ وشِرك، والله يعلم مَن آباؤنا"، فسكَن غضبُه ونزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101]"[11]، هذه الرواية صحيحة، وهي صريحة بكَونِها سبب النزول.

والحديث هذا له شاهد في الصحيحَين من حديث أنس ، وفيه التصريح أيضًا بسبب النزول، فلو أنَّه اكتفى به لكان أفضل، فحديث أنس قال: بلَغ رسول الله ﷺ عن أصحابه شيء، فخطَب فقال: عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، فما أتى على أصحاب رسول الله ﷺ يومٌ أشدُّ منه، غطَّوا رؤوسهم ولهم خَنين؛ يعني صوت بالبكاء، فقام عمر فقال: رَضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمحمدٍ ﷺ نبيًّا، فقام ذلك الرجل فقال: مَن أبي؟، قال: أَبُوكَ فُلَان، فنزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا"[12].

هذه الرواية في الصحيحَين، وتكفي في سبب النزول، لكن الآخر من حديث أبي هريرة أيضًا غير ما ذكَر، يعني هذا يكفي عمَّا ذكره في القصة، لكن فيها زيادة تفصيل بالتسمية؛ يعني تسمية مَن قال: مَن أبي؟، لكن لا حاجة لهذا.

وذكَر هنا أيضًا السبب الآخر: إِنَّ الله كَتَبَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ َفَحُجُّوا، فهذا جاء من حديث أبي هريرة : أنَّ رسول الله ﷺ قال: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ الله عَلَيْكُمُ الحَجَّ فَحُجُّوا، فقال رجل: أَفِي كُلِّ عامٍ يا رسول الله؟، فسكَت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله ﷺ: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ، لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثم قال: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ على أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأَتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ[13].

على هذه الرواية عند مسلم، هذا لفظ الإمام مسلم، وليس فيها ما يدلّ على سبب النزول، لكن جاء عند غير مسلم الحديث؛ علي [14]، وأبي أُمامة[15]، وابن عباس[16]، بما يتقوَّى بمجموع طُرُقه، وفيه التصريح بسبب النزول؛ أنَّها نزلت بسبب قول الرجل: "أَفِي كُلِّ عامٍ يا رسول الله؟"، فهذان سببان.

وكما ذكرنا في بعض المناسبات في مثل هذا أنَّه يمكن أن تكون هذه الوقائع حصلت في وقتٍ متقارب، فنزلت الآية بعدها، ويحتمل أن يكون ذلك وقَع في واقعات متفرِّقة فتكرَّر النزول، ويكون النزول الثاني؛ يعني المتكرِّر، تذكيرًا بالحُكم، وأنَّ النَّازل قبلَه ينطبِق على ما حلَّ أو وقَع أو حصَل بعده.

والسؤال هنا: لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ هذا يشمل السؤال عن الأحكام الشرعيَّة والقَدَريَّة، كما يدلّ عليه هذه الروايات؛ فالأحكام الشرعيَّة مثل الحجّ: "أَفِي كُلِّ عامٍ؟" والقَدَريَّة مثل قول رجل:"أين أبي؟" وقول الآخر: "مَن أبي؟" ونحو هذا، فكلُّ ذلك داخلٌ فيه.

يقول: "فعلى الأول: تسؤكم بالإخبار بما لا يعجبكم"؛ يعني هذا الذي قال: "أين أبي؟ مثلاً، "وعلى الثاني: تسؤكم بتكليف ما يشق عليكم"؛ يعني في الحجّ: "أَفِي كُلِّ عامٍ؟" يكون ذلك سببًا لهذا، لهذا جاء في الحديث بأنَّ: إن أعظم المسلمين جرما، من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته[17].

وقال آخر: أين أبي؟ قال: فِي النَّارِ، وقِيل: سببُها أنَّ النبي ﷺ قال: إِنَّ الله كَتَبَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فَحُجُّوا، فقالوا: يا رسول الله أَفِي كل عام؟ فسكَت، فأعادوا، قال: لَا، وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ.

هذا فيه في آخره فأنزل الله؛ لأنَّ ما ذكره المؤلف من غير هذه الزيادة ليس فيه ما يدلّ على سبب النزول، لكنَّها ضروريَّة، وهي مصرِّحة بذلك.

فعلى الأول: تسؤكم بالإخبار بما لا يعجبكم، وعلى الثاني: تسؤكم بتكليف ما يشقُّ عليكم، ويقوِّي هذا قوله: عَفَا اللهُ عَنْهَا أي: سكت عن ذِكرها ولم يطالبكم بها، كقوله ﷺ: عَفَا الله عَنِ الزَّكَاةِ فِي الخَيْلِ[18].

وقيل إنَّ معنى عَفَا اللهُ عَنْهَا: عفا عنكم فيما تقدَّم من سؤالكم فلا تعودوا إليه.

قوله: "عَفَا اللهُ عَنْهَا أي: سكت عن ذِكرها ولم يطالبكم بها، كقوله ﷺ: عَفَا الله عَنِ الزَّكَاةِ فِي الخَيْلِ"؛ هذا ذكره في الحاشية عن علي مرفوعًا؛ قال: قَدْ عَفَوْتُ عَنْ صَدَقَةِ الخَيْلِ والرَّقِيقِ، فَهَاتُوا صَدَقَة الرِّقَّة[19]؛ يعني دراهم من الفِضَّة المضروبة، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمْ، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةَ شَيْء؛ يعني في ما بين النِّصابَين، فَإِذَا بَلَغَتِ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، هذا أخرجه بعض أصحاب السُّنن، وإسناده حسَن.

فالمقصود أنَّ قوله: عَفَا اللهُ عَنْهَا يعني: لم يُطالبكم بها، كما رُوِي: "وما سكت عنه فهو عفْو"[20].

يقول: "وقيل إنَّ معنى عَفَا اللهُ عَنْهَا: عفا عنكم فيما تقدَّم من سؤالكم"؛ عفا الله عن الأسئلة المتقدِّمة، يعني بعد نزول الآية لا يسأل أحد عن مثل هذا، وهذا المعنى الأخير هو الذي اختاره ابن جرير[21]، وابن كثير[22].

يقول: "فلا تعودوا إليه" لو قال قائل بأنَّ الأقرب -والله أعلم- هو أنَّ عفا عنها بمعنى لم يُطالبكم بها بسكوتِه عنها، فلا تُنقِّروا عنها فيكون ذلك سببًا لمساءتكِم التي أبداها الله لكم، سواءً كان ذلك في الأحكام الشرعيَّة أو الأحكام القَدَريَّة -كما سبق-، كان هذا أقرب، الله -تعالى- أعلم.

وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ [المائدة:101]؛ فيه معنى الوعيد على السؤال، كأنه قال: لا تسألوا، وإن سألتم أبدي لكم ما يسوؤكم، والمراد بـ حِينَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ: زمان الوحي.

هو هذا؛ يعني وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ يعني: في وقت نزول القرآن، في وقت تنزُّل الوحي، يعني في المدَّة التي ينزل فيها الوحي، ليس لوحي معيَّن في ساعته، وإنَّما والنبي ﷺ بين أظهُرهِم، فالوحي نازلٌ عليه، فهذا إذا أبداه الله ساءهم، ولهذا قال النبي ﷺ: ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ على أَنْبِيَائِهِمْ[23]، ولهذا الصحابة كانوا يتأدَّبون بهذا، وما كانوا يُكثِرون على النبي ﷺ من السؤال، ويفرحون بمجيء الغريب أو الأعرابي لِيسأل رسول الله ﷺ.

وبعضهم يقول: بأنَّ المراد وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ: يعني أنَّكم إذا سألتم بعد نزول القرآن عن ما أشكَل عليكم أو خفِيَ من الأحكام ونحو ذلك فالسؤال سائغ، يعني أنَّ الله يُبدِي لكم ذلك ويُظهِره، وهذا رُوِي عن ابن عباسٍ -ا-[24]، وهو اختيار ابن جرير[25]، وأيضًا به قال جماعة القُرطُبي[26]، والحافظ ابن رجب[27]، والسَّعدي[28].

لكن أسباب النزول السابقة تبيِّن أنَّ المراد غير هذا، وأنَّ ذلك جميعًا جاء على سبيل النَّهي والزَّجر عن السؤال عنها، وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ يعني كما حصَل تُبْدَ لَكُمْ، وقول النبي ﷺ: إن أعظم المسلمين جرما، من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته[29]، هذا يدلّ على المراد، فهذا هو الأقرب، -والله تعالى أعلم-؛ أنَّ هذا جاء على سبيل النَّهي والزَّجر عن السؤال عن مثل هذه المسائل.

ولذلك ذكَر أهل العِلم، كالشاطبي -رحمه الله-، بأنَّ ممَّا يدخل في هذا السؤال عن أشياء ترَك الله -تبارك وتعالى- ذِكرها من غير غفلةٍ عنها ولا نسيان[30]، فإذا جاء مَن يُنقِّر عنها فقد تُفرَض على الناس، مثل هذا الذي قال: أَفِي كلِّ عام؟، فهذا ممَّا يدخل في الذَّمّ والنَّهي.

وذكروا في أيضًا ما يُذمّ من المسائل السؤال عن أمورٍ بعيدة الوقوع؛ يعني لا يكون السؤال من أجل التفقُّه، وإنَّما هي أمورٌ يفترِضها الإنسان بعيدة لا تكاد تقع، فهذا يكون مذمومًا، وكذلك قالوا الأغاليط؛ وهي صِعاب المسائل، فعرْضُ ذلك لا يُحمَد، فهذا كلُّه ممَّا يدخل في هذا النَّهي، لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ؛ يعني ممَّا يقع عليه الذَّمّ في السؤال متى يكون السؤال مذمومًا، فيدخل في صور متعدِّدة.

أمَّا السؤال لمجرَّد التفقُّه في حكمٍ أشكَل عليه، كما سأل عمر ، النبي ﷺ عن الكَلالة[31]، وسألوا النبي ﷺ عن مواضع أشكَلت عليهم من القرآن، فمثل هذا لا إشكال فيه ولا يُذمّ، -والله أعلم-.

الفَرَضيَّات -ذكرتُ هذا- البعيدة الأشياء التي يبعُد وقوعُها، وهذا اشتُهِر به بعض الفقهاء كما هو معروف عن أهل الكوفة، يُكثِرون من أرأيتَ كذا؟ ورأيتَ كذا؟، ومثل الذي سأل عن رجلٍ وَطِأت دابَّتُه دجاجةً ميِّتة، فخرج منها بيضة، ففقَست عنده البيضة، فهل يحلُّ أكْل هذا الفَرخ أو لا؟ باعتبار أنَّه خرَج من دجاجةٍ ميِّتة، فهذا سؤال في ذلك الحين بعيد الوقوع، لكن مثل الآن يوجَد مثل هذه الآلات التي يفقِس البيض إذا وُضِع بها، هذا أمْر يكثُر وقوعه.

ولذلك قالوا بأنَّ قدْرًا ليس بالقليل من مسائل هؤلاء المفترَضة؛ يعني أهل الكوفة، أنَّها وقعت فيما بعد، وذكَر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لو أنَّه كان صاحب جِنِّية؛ يعني يستعمل الجِنّ، فجاءت به من فوق عرَفة بالهواء، أنَّ ذلك يُجزِيه في الوقوف باعتبار أنَّ هواء الشيء له حُكم قاعِه وأرضِه، هذه هي الصورة في ذلك الوقت، لكن الآن بالطائرة إذا مرَّ من فوق عرَفة وهو محرِم حاجّ بالهواء فيصحُّ وقوفه.

ومثل الذي يعمل مثلاً في طائرة في الحجّ، سواء كان عملُه في إسعاف أو في إعلام، أو غير ذلك، ولا ينزل في أرضِها فيصحّ وقوفُه، لا إشكال في هذا.

قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ؛ الضمير في سَأَلَهَا راجعٌ إلى المسألة التي دلَّ عليها لَا تَسْأَلُوا، وهي مصدر، ولذلك لم يتعدَّ بعن كما تعدَّى قوله: إِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا، وذلك أنَّ بني إسرائيل كانوا يستفتون أنبياءهم عن أشياء، فإذا أُمِروا بها تركوها فهلَكوا، فالكُفر هنا عبارةٌ عن ترْكِ ما أُمِروا به.

قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ؛ يعني هذه المسائل، وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا، يقول: قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ، قال: حصَل هذا لبني إسرائيل؛ فسألوا، فأُخبِروا وأُمِروا، فتركوا فهلَكوا، يقول: "فالكُفر هنا عبارةٌ عن ترْكِ ما أُمِروا به".

ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ؛ لما سأل قومٌ عن هذه الأمور التي كانت في الجاهلية: هل تُعظَّم لتعظيم الكعبة والهَدي؟ أخبرهم الله أنَّه لم يجعل شيئًا من ذلك لعباده؛ أي: لم يشْرَعه لهم، وإنَّما الكفار جعلوا ذلك.

فأمَّا البَحيرة: فهي فَعيلة بمعنى مفعولة من بَحِر إذا شَقَّ، وذلك أنَّ الناقة إذا أنتجت عشرة أبطُنٍ شَقُّوا آذانها، وتركوها تَرعى ولا يُنتفَع بها.

وأمَّا السَّائبة: فكان الرجل يقول: إذا قَدِمتُ من سفَري أو بَرِئْتُ من مَرَضي فناقتي سَائبة، وجعَلها كـ البَحِيرة: في عدم الانتفاع بها.

وأمَّا الوَصِيلة: فكانوا إذا ولدت الناقة ذَكرًا وأنثى في بطنٍ واحد قالوا: وصلَت الناقة أخاها فلم يذبحوها، وفي النُّسخ الخطِّية: فلم يذبحوه.

وأمَّا الحامي: فكانوا إذا نتَجت من صُلْب الجمل عشرة بطونٍ قالوا: قد حَمَى ظهره فلا يُركَب ولا يُحمَل عليه شيء.

الصحيح قوله: "وصلَت الناقة أخاها فلم يذبحوه" وليست يذبحوها، وهذه المذكورات هنا فيها تفاصيل كثيرة لأهل العِلم غير متَّفِقة، وليس ذلك بالمهم، بمعنى يكفي أن يُعرَف أنَّ ذلك من أعمال أهل الجاهليَّة ممَّا أملاه عليهم الشيطان، في أمورٍ لم يُشرِّعها الله -تبارك وتعالى- ولم يأذَن بها، وهذه لا تُعرَف من جِهة اللغة بمجرَّدها، وإنَّما هذا النوع يُعرَف من جِهة الوقوف على أحوال العرب في الجاهليَّة، وما كانوا عليه، وملابَسات النزول؛ بمعنى أنَّ فهْمَ القرآن يتوقَّف على جُملة أمور، فيُرجَع فيه إلى القرآن نفسِه فيفسِّر بعضه بعضًا، وإلى سُنَّة رسول الله ﷺ، وإلى أقوال السَّلف الصالح من الصحابة فمَن بعدهم، لِيُفهَم، وهم أعلَم الناس بكتاب الله، وكذلك أيضًا يُرجَع إلى لغة العرب، هذا بالإضافة إلى معرفة ملابَسات النزول، وأسباب النزول، وأحوال العرب في وقت التنزيل.

وما ذكره هنا المؤلِّف في تفسير هذه البَحيرة يقول: "وذلك أنَّ الناقة إذا أنتجت عشرة أبطُنٍ" يعني إذا وَلَدت عشرة أبطُن؛ يعني عشر مرَّات، عشرة أولاد، "شَقُّوا آذانها، وتركوها تَرعى ولا يُنتفَع بها" فهنا يقول: عشرة أبطن، وبعضهم يقول: خمسة أبطن، يفعلون ذلك، وتُحرَّم على النِّساء، ويُمنَح دَرُّها للطواغيت؛ لأصنامهم، لمعبوداتِهم من دون الله -تبارك وتعالى-، يتركونها ما تُحلَب، وقِيل غير هذا.

الحافظ ابن كثير -رحمه الله- فسَّر هذه الأشياء مثلاً أنَّها إذا نُتِجَت خمسة أبطن، هذا ساقَه عن ابن عباس -ا- من طريق ابن أبي طلحة[32]، ينظرون إلى الخامس، فإن كان ذَكرًا ذبحوها، فأكله الرجال دون النساء، وإن كان أنثى جذعوا آذانَها، فقالوا: هذه بَحيرة؛ يعني أنَّ البَحيرة هنا هي التي وُلِدت وليس التي وَلَدت، بهذا الاعتبار.

هكذا السَّائبة؛ هنا يقول: بأنَّ الرجل إذا قَدِم من السَّفر، أو نحو ذلك، بَرِئ، يقول: "ناقتي سَائبة، وجعَلها كـ البَحِيرة: في عدم الانتفاع بها" فيُسيِّبونها لطواغيتِهم، فلا يُحمَل عليها شيء، أو هي التي تُسيَّب في المرعى فلا تُردّ عن حوضٍ ولا علَف، يعني تَرِد على النَّاس في إِبِلهم ومِياهِهم ونحو ذلك فلا تُردّ، هذه السَّائبة.

ونقَل ابن كثير -رحمه الله- هنا عن مجاهد قال: "هي من الغَنَم"[33]، نحو ما فُسِّر من البَحيرة، إلَّا أنَّها ما وَلدت من ولد كان بينها وبينه ستّة أولاد، كانت على هيئتِها، فإذا وَلدت السابع ذَكرًا أو أنثى أو ذَكرَين ذبحوه، فأكلَه رجالهم دون نسائهم.

وهكذا نقَل عن محمَّد بن إسحاق؛ قال: "هي النَّاقة"، لاحظ هناك الغَنَم وهنا النَّاقة، والمشهور أنَّ هذا في الإبل، ابن إسحاق يقول بأنَّ السَّائبة: "النَّاقة إذا وَلدت عشر إناث من الوَلد ليس بينهنّ ذَكر، سُيِّبَت فلم تُركَب، ولم يُجَزّ وَبرُها، ولم يُحلَب لَبنُها إلَّا لِضيف"[34]، هكذا نقَل أيضًا عن أبي رَوْقْ[35] مثل ما ذكَر ابن جُزيّ، وكذلك نقَل عن السُّدِّي[36]، هذه السَّائبة.

وهنا قال الوَصيلة: "فكانوا إذا ولدت الناقة ذَكرًا وأنثى في بطنٍ واحد قالوا: وصلَت الناقة أخاها فلم يذبحوه" بعضهم يقول: "هي الناقة إذا وَلدت سبعة أبطن، نظروا؛ فإن كان السابع ذَكرًا ذُبِح، فأكَل منه الرجال والنِّساء، وإن كان أنثى تُرِكت، وإن كان ذكرًا وأنثى قالوا: قد وَصلت أخاها فلم تُذبَح، بدفْعِها عنه الذَّبح، وكانت لحومها حرامًا على النساء، إلَّا أن يموت منها شيء؛ المــَيتة منها، فيأكله الرجال والنساء" هذه الوَصيلة، وهذا ليس محلّ اتفاق.

جاء عن ابن عباس -ا- من طريق ابن أبي طلحة في الوَصيلة: "هي الشَّاة إذا نُتِجَت سبعة أبطن نظروا إلى السَّابع، فإن كان ذَكرًا أو أنثى وهو ميِّت اشترك فيه الرجال دون النساء"[37]، فهنا قال: "الرجال دون النساء"، وهناك: "يشترك فيه الرجال والنساء"، وإن كان أنثى استحيَوها؛ يعني يُبقوها حيَّة، وإن كان ذَكرًا وأنثى في بطنٍ واحد استحيَوهما وقالوا: وَصِلته أختُه فحرَّمته علينا.

هكذا نقَل عن سعيد بن المسيِّب قال: "الوَصيلة من الإبل، كانت الناقة تبتكر بالأنثى، ثمَّ ثنَّت بأنثى، فسمَّوها الوَصيلة"[38]؛ يعني المولود الثاني، ويقولون: وَصلت أنثيَين ليس بينهما ذَكر، فكانوا لطواغيتهم.

هكذا ذكَر محمد بن إسحاق، قال: "الوَصيلة من الغَنَم إذا وَلدت عشر إناث في خمسة أبطُن، -يعني في كلّ بطنٍ اثنان- توأمَين توأَمين في كلِّ بطنٍ، سُمِّيت الوَصيلة وتُرِكت، فما وَلَدت بعد ذلك من ذَكرٍ أو أنثى جُعِلت للذكور دون الإناث، وإن كانت مَيتة اشتركوا فيها"[39].

وهنا بعضهم يذكر بأنَّ الوَصيلة الشاة تلِد ستَّة أبطُن، فإذا وَلَدت السابع جُدعت، وقُطِع قرنُها، فيقولون: قد وَصِلت، فلا يذبحونها ولا تُمنَع مهما وَردت على حَوض، لاحظ هذه الأقوال في تفسيره.

كذلك الحامية؛ نقَل ابن عباس -لكن بطريقٍ لا يصحّ- قال: "كان الرجل إذا لقَّح فحْلُه عشرًا قِيل حامٍ، فاتركوه" يعني حينما يُضرِّب عشر سنين يتركونه، وهذا جاء عن جماعة، وجاء عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة: "بأنَّه الفَحْل من الإبل إذا وُلِد لوَلده قالوا: حَمَى هذا ظهرَه، فلا يحمِلون عليه شيئًا، ولا يجُزُّون له وَبرًا، ولا يمنعونه من حِمَى؛ -يعني الرَّعي-، أو من حَوضٍ يشرب منه، وإن كان الحَوض لغير صاحبه"[40].

قال الإمام مالك: "بأنَّه من الإبل، -يعني: إذا حصَل له الضِّراب-، فإذا انقضى جعلوا عليه ريش الطواويس، وسيَّبوه"[41]، إلى غير هذا.

مثل هذه الأقوال كما ترون هي مختلفة، لكن هذا لا يؤثِّر؛ لأنَّه لا يترتَّب عليه حُكم، يكفي أن يُعرَف أنَّ هذه المزاوَلات كانت في الجاهلية؛ يجعلون فيما رزقهم الله من الأنعام ممَّا لم يأذن الله -تبارك وتعالى- به، لكن هل هذا الفَحْل الذي هو الحام هل يُضرِّب بقَدْر عشر سنوات أو أقل أو أكثر؟

وكذلك هذه السَّائبة تكون بطريقٍ كالنَّذر مثلاً أو غير ذلك، والوَصيلة إذا نُتِجت؛ يعني صار لها أولاد؛ وَلَدت بقدْرٍ معيَّن، فهذا لا أثَر له، ولا حاجة إلى معرفتِه على وجهه؛ لأنَّ هذه من أعمال الجاهلية وترَّاهات الجاهلية، لكن يحصُل المراد بفَهم كلام الله -تبارك وتعالى- بهذا القَدْر المجمَل أمَّا التفاصيل فهذه أخبار العرب فيها مختلفة، ولا يُستغرَب مثل هذا؛ لأنَّها أمور مَبناها على الجهل والجهالة، ومثل هذا لا يُضبَط.

وقد تكون هذه الأحوال مختلفة عندهم بين قبائلِهم؛ لأنَّ الشيطان يُملي لهم، وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82]، فهذا ليس من عند الله ، ومثل هذا يكفي معرفتُه إجمالاً، ولا يتوقَّف على هذه التفاصيل فهْمُ المعنى ولا ينبني عليها حُكم.

ومَن أراد أن يعرف التفاصيل بصورة أوسع فكُتُب التفسير تذكر هذا، لكن أنا ذكرت هذا قصْدًا لأبيِّن ماذا وُجِد من تفاوت واختلاف في توصيف ذلك، وإلَّا لم أقضِ به هذا الوقت، ومَن أراد الوقوف على تفاصيل أكثر فليرجِع إلى الكتب المصنَّفة في أحوال العرب وأخبارهم، وأوسع ذلك -كما ذكرت في بعض المناسبات- كتاب: "المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام"، لعلي جَوَاد، هذا يقَع في نحو عشرة مجلَّدات كِبار، يذكر فيه التفاصيل ويُضيف ذلك إلى قبائل العرب ويُسمِّيها، فاجتمع فيه ما لا يكاد يجتمع في غيره، سواءً من شعائر دِينهم ومزاوَلاتِهم التعبُّديَّة ومَناسكِهم، أو كان ذلك بما يتعلَّق بدُنياهم؛ يعني عندما يتحدَّث عن شعرائهم، أو عن فُرسانِهم، أو عن صعاليكِهم، أو غير ذلك، تجد مثل هذا يُذكَر.

غِربان العرب؛ الذين هم من العرب، من أصول العرب، لكنَّهم من ذوي السَّواد في لون البشرة، يعني عرب أقحاح لكنَّهم بحالٍ من السّواد، عرب ألوانهم المعروفة، مثل هذه الألوان التي هي بين البياض الشديد؛ يعني الأمم اللاتينيَّة وأهل البياض هذا، وبين السُّمرة التي هي أوَّل السَّواد كما ذكَر أهل الرَّحلات حينما وصفوا مثلاً بلاد الهند، فالعرب بَين بَين؛ بين هؤلاء وهؤلاء، لكن يوجَد منهم مَن هو بلون السَّواد وهم قلة، فذكروا غِربان العرب، منهم  الشاعر المشهور المعروف صاحب المعلَّقة، ومن جُملة هؤلاء منهم عنترة أيضًا، فبعض هؤلاء من المشاهير، بل كلُّهم من المشاهير.

وهنا يقول: "وأمَّا الوَصِيلة: فكانوا إذا وَلَدت الناقة ذَكرًا وأنثى في بطنٍ واحد قالوا: وصلَت الناقة أخاها فلم يذبحوه" هذا كما سبق، لاحظ أنَّ ابن جُزي حمَل ذلك جميعًا على الإبل، وبعضهم فسَّر بالغَنَم، وهذا غير مهم، والمشهور أنَّه في الإبل.

قال: "وأمَّا الحامي: فكانوا إذا نتَجت من صُلْب الجمل عشرة بطونٍ قالوا: قد حَمَى ظهره، فلا يُركَب ولا يُحمَل عليه" يعني يتركونه لطواغيتِهم، وابن جرير -رحمه الله- بيَّن أصْل معنى البَحيرة، والسَّائبة والوَصيلة، ثمَّ ذكَر أنَّ ذلك لا وجود له الآن، والأخبار في بيان الواقع آنذاك مختلفة، وبِناءً عليه لا عِلم لنا به، هكذا يقول ابن جرير -رحمه الله-[42].

وهذا صحيح؛ يعني لا نستطيع أن نجزم بشيءٍ من ذلك أنَّ هذا هو الذي يُقال له: وَصيلة بعينِه دون غيرِه، أو يُقال له: سائبة دون غيره.

وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ؛ أي: يكذبون عليه بتحريمهم ما لم يحرِّم الله، وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ؛ الذي يفترون على الله الكذب هم الذين اخترعوا تحريم تلك الأشياء، والذين لا يعقلون هم أتباعهم المقلِّدون لهم.

قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا؛ أي: يكفينا دِين آبائنا، أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ؛ قال الزَّمَخْشَرِيّ: الواو واو الحال، دخلت عليها همزة الإنكار، كأنَّه قِيل: أحسبُهم هذا وآباؤهم لا يعقلون[43]، قال ابن عطية: ألف التوقيف دخلت على واو العطف[44]، وقول الزمخشري أحسن في المعنى.

هنا قوله: قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا؛ يعني: يكفينا دِين آبائنا.

أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ؛ يقول: "قال الزَّمَخْشَرِيّ: الواو واو الحال" يعني التي بعد الهمزة، الهمزة للاستفهام والواو أوَلَو واو الحال، "دخلت عليها همزة الإنكار، كأنَّه قِيل: أحسبُهم هذا وآباؤهم لا يعقلون" يقول: "أحسبُهم هذا وآباؤهم لا يعقلون" ينقُل عن صاحب الكشَّاف، لكن العبارة في الكشَّاف: "أحسبُهم ذلك ولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا ولا يهتدون؟"، هذه عبارة صاحب الكشَّاف وهنا لخَّصها، قال: "أحسبُهم هذا وآباؤهم لا يعقلون" يعني: والحال أنَّ آباءهم لا يعقلون، باعتبار أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، أَوَلَوْ يعني: ولو كان آباؤهم، فدخلت عليها همزة الإنكار، يعني: ولو كان آباؤهم لا يعقلون، الحال يعني أنَّهم لا يعقلون.

والمعنى كما يقول أبو حيَّان على قول الزَّمَخْشَرِي صاحب الكشَّاف، أَيتَّبعونهم؟؛ فهذه الهمزة: أَيتَّبعونهم؟، واو الحال: ولو كان آباؤهم لا يعقِلون شيئًا من الدِّين ولا يهتدون للصَّواب؟؛ هذا بسْط للعبارة وتوضيح لها، "أحسبُهم هذا وآباؤهم لا يعقلون" العبارة التي نقلَها عن صاحب الكشَّاف.

يقول: "قال ابن عطية: ألف التوقيف" هذه الهمزة، "دخلت على واو العطف" يعني لم يجعلها واو الحال، يعني "كأنَّهم عطفوا بهذه الجملة على الأولى" يعني عطْف جملة على جملة، والتزموا شنيع القول، هذا كلام ابن عطية نفسه، يقول: "ألف التوقيف دخلت على واو العطف، كأنَّهم عطفوا بهذه الجملة على الأولى، والتزموا شنيع القول؛ فإنَّما التوقيف توبيخٌ لهم، كأنَّهم يقولون بعده: نعم، ولو كانوا كذلك"[45].

فألف التوقيف هذه هي استعمالٌ غريب، قال أبو حيَّان عنها: "لم أقِف عليها من كلام النُّحاة، يقول: يقولون: (همزة الإنكار، همزة التوبيخ) وأصلها همزة الاستفهام"[46]، وكذلك قال الحلَبي في "الدُّرّ المــَـصون"؛ قال: "تسمية هذه الهمزة للتوقيف فيه غرابةٌ في الاصطلاح"[47]، فعلاً؛ حينما تستعرِض كتب اللغة والنحو وحتى البلاغة، لا تجِد هذا الاستعمال أبدًا، إلَّا عند ابن عطية في هذا، ومراده بذلك، -والله تعالى أعلم-، ألف التوقيف يوضِّحه ما بعده.

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا فوقَّفهم بهذا الإلزام: أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ، حتى لو كان الآباء بهذه المثابة فالتزموا ذلك مع شناعتِه، يعني أنَّهم على دِين آبائهم حتى مع كَون آبائهم في غاية الجَهالة والعَماية والضَّلالة، فالتزموا شنيع القول، فهو كما قال: "فإنَّما التوقيف توبيخٌ لهم، كأنَّهم يقولون بعده: نعم، ولو كانوا كذلك" يعني وقَّفهم على ما تحت هذا القول: حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا، يقول: حتى في هذه الحال؛ لو كان الآباء في حالٍ من العَماية والجَهالة فكأنَّهم قالوا: نعم، ولو كانوا كذلك.

هذا مقصودُه بالتوقيف، -والله أعلم-، يريد هذا وإن لم يكُن ذلك مستعمَلاً؛ يعني هذا الاصطلاح بالتوقيف، لكن واضح من كلامه هذا المراد، وهذه غير التقرير؛ التقرير هذا كثير عند ابن عطية، وعند أبي حيَّان، وغيرهم من المفسِّرين والنُّحاة.

وهذا الذي ذكره الزَّمَخْشَرِي، وذكره ابن عطية، إلى آخره، هذه وجوه ليست محلّ تسليم عند النُّحاة؛ يعني لو أردتّ مثلاً على سبيل المثال مناقشة لهذا انظر ماذا قال فيه أبو حيَّان في "البحر المحيط"، تجِد مناقشات لهؤلاء؛ لابن عطيَّة ولصاحب الكشَّاف، وكذلك تجِد في "الدُّر المــَصون" كثير من هذه الأشياء؛ الإعرابات والوجوه التي يذكرونها، فيها تفاصيل كثيرة لكن لا يصحّ أن يتحوَّل الدَّرس إلى التوسُّع في مثل هذه الأشياء.

مداخلة: يمكن بأن نقول بأنَّ ألف التوقيف إطلاعُهم وتذكيرُهم بحال آبائهم؟

يعني هو يُوقِّفه على أمْرٍ العاقل لا يقبل ولا يرضى ولا يُسلِّم به، يقول: حتى لو كان كذا فإذا كان يلتزمه؟ ويقول: "نعم، ولو كانوا كذلك" هذه ألف التوقيف.

عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ؛ قِيل: إنَّها منسوخةٌ بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكَر، وقِيل: إنَّها خِطابٌ للمسلمين من ذريَّة الذين حرَّموا البَحيرة وأخواتها، كأنَّه يقول: لا يضرُّكم ضلال أسلافِكم إذا اهتديتم، والقول الصحيح فيها ما ورَد عن أبي ثعلبة الخشني؛ أنَّه قال: سألتُ عنها رسول الله ﷺ فقال: مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةٍ، وَإِعْجَابَ كُلَّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخُوَيْصَةِ نَفْسِكَ وَذَرْ عَوَامَّهُمْ[48].

ومثل ذلك قول عبد الله بن مسعود : ليس هذا بزمان هذه الآية، قولوا الحق ما قُبِل منكم، فإذا رُدَّ عليكم فعليكم أنفسكم[49].

قوله: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ؛ القول بأنَّها منسوخة بالأمر بالمعروف هذا غير صحيح، لكن المعنى: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ: الزموا طاعة الله وعبادته وشَرعَه، ومن ذلك ممَّا يدخل في شرعِه وطاعته، وما أمر به من الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكَر، بعد ذلك لا يضرُّكم ضلال مَن ضلّ؛ يعني إذا قمتُم بما أوجَب الله عليكم وأدَّيتم ما فرَض، فلا يضرُّكم بعد ذلك ضلال مَن ضلّ، وهذا ما رُوِي عن جماعة من الصحابة فمَن بعدهم؛ كأبي بكرٍ، وابن عباس[50]، وحذيفة، وسعيد بن المسيِّب[51]، وغيرهم، وهو اختيار كبير المفسِّرين؛ أبي جعفر ابن جرير[52]، وبهذا قال القُرطُبي[53]، والشنقيطي[54]، هذا المعنى الذي عليه عامَّة أهل العِلم، وهذا ظاهر -والله تعالى أعلم-، ولا إشكال فيه.

أمَّا حديث أبي ثعلبة؛ وهو الذي ذكَره بهذا السِّياق، فهذا لا يصحّ، من جِهة الإسناد، لكن لبعضه شواهد من حديث عبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، ومازن بن صعصعة، وابن مسعود، وأنس.

وحديث ابن مسعود هنا ذكَر قوله موقوفًا: "ليس هذا بزمان هذه الآية، قولوا الحق ما قُبِل منكم، فإذا رُدَّ عليكم فعليكم أنفسكم".

محمَل الآية هو ما ذكرتُ، -والله تعالى أعلم-.

عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ يعني هذا يدخل فيه إذا قام الإنسان بما أمَر الله به، فلا يضرُّه بعد ذلك وجود مَن ينحرف ويعصي أو يكفُر، لا سيَّما أيضًا أنَّ المخاطَبين كان بعض قراباتِهم كفارًا لم يدخلوا في الإسلام أصلاً؛ يعني تجِد الرجل أحيانًا قد أسلَم وأبوه على كُفر، أو ولَده على كُفر، أو أخوه على كُفر، فبيَّن الله أنَّ مثل هذا لا يضرُّهم إذا كانوا على الإيمان، وطاعة الله ، والاستجابة لشَرعِه، وليس معناها أنَّهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهَون على المنكَر، وإنَّما يلتزمون أنفسهم، فإنَّ صلاحها لا يمكن أن يتحقَّق إلَّا بالقيام بما فرَض الله -تبارك وتعالى-.

  1. تفسير الطبري (9/5)..
  2. تفسير الطبري (9/5).
  3. انظر: تفسير الطبري (8/29-30).
  4. تفسير ابن كثير (2/10).
  5. تفسير الطبري (9/8)، وتفسير ابن أبي حاتم (4/1214)، برقم (6856).
  6. انظر: تفسير الطبري (9/12).
  7. أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4/112)، برقم (1475).
  8. تفسير الطبري (9/17).
  9. أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار (4/112)، برقم (1475).
  10. تفسير ابن كثير (3/204).
  11. أخرجه الطبري في تفسيره (9/17)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/629).
  12. أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، برقم (7294)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب توقيره ﷺ، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف وما لا يقع، ونحو ذلك، برقم (2359)، واللفظ لمسلم.
  13. أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337).
  14. أخرجه الترمذي، أبواب الحج عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء كم فرض الحج، برقم (814)، وابن ماجه، أبواب المناسك، باب فرض الحج، برقم (2884)، وضعفه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (4/150).
  15. أخرجه الطبري في تفسيره (9/20)، والسيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (3/206)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4/110)، برقم (1474)، والطبراني في المعجم الكبير، برقم (7671).
  16. تفسير الطبري (9/21)، والدر المنثور في التفسير بالمأثور (3/207).
  17. أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه، برقم (7289)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب توقيره ﷺ، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف وما لا يقع، ونحو ذلك، برقم (2358).
  18. أخرجه أبو داود، كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، برقم (1574)، والترمذي، أبواب الزكاة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في زكاة الذهب والورق، برقم (620)، وابن ماجه، أبواب الزكاة، باب زكاة الورق والذهب، برقم (1790)، وأحمد في المسند، برقم (711)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، برقم (1406).
  19. الحديث السابق.
  20. أخرجه أبو داود، كتاب الأطعمة، باب ما لم يذكر تحريمه، برقم (3800)، والحاكم في المستدرك، برقم (7113)، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
  21. تفسير الطبري (9/25).
  22. تفسير ابن كثير (3/206).
  23. أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ، برقم (7288)، ومسلم، كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337).
  24. تفسير الطبري (9/21).
  25. تفسير الطبري (9/23-24).
  26. تفسير القرطبي (6/333).
  27. تفسير ابن رجب الحنبلي (1/450).
  28. تفسير السعدي (ص:246).
  29. متفق عليه، وتقدم تخريجه.
  30. انظر: الموافقات (1/45)، وما بعدها.
  31. أخرجه مسلم، كتاب الفرائض، باب ميراث الكلالة، برقم (1617).
  32. تفسير ابن كثير (3/210).
  33. تفسير ابن كثير (3/210).
  34. تفسير ابن كثير (3/210).
  35. تفسير ابن كثير (3/210).
  36. تفسير ابن كثير (3/210).
  37. تفسير ابن كثير (3/210).
  38. تفسير ابن كثير (3/210).
  39. تفسير ابن كثير (3/210).
  40. تفسير ابن كثير (3/211).
  41. تفسير ابن كثير (3/211).
  42. انظر: تفسير الطبري (9/39).
  43. تفسير الزمخشري (الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل) (1/685).
  44. تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز) (2/249).
  45. المصدر السابق.
  46. البحر المحيط في التفسير (4/386).
  47. الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (4/450).
  48. أخرجه الطبري في تفسيره (9/49).
  49. تفسير الطبري (9/43-44).
  50. تفسير ابن كثير (3/212).
  51. تفسير ابن كثير (3/215).
  52. تفسير الطبري (9/43).
  53. تفسير القرطبي (6/342).
  54. انظر: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (1/459).

مواد ذات صلة